يترقب العالم أجمعه، الساعات المقبلة الفاصلة في الحرب البربرية التي تشنها إسرائيل بحق الشعب الفلسطيني بقطاع غزة، وذلك في ظل رحلات مكوكية، ومشاورات سرية تهدف لإنهاء اتفاق شامل لوقف الحرب، وإجاد مخرج للملفات الشائكة حتى لا تكون ألغاء تفجر المعارك في أي وقت، وهنا نجد أن الجميع يتحدث عن 3 ملفات ساخنة هي التي تدور حولها المناقشات، أولها تفاصيل صفقة تبادل الأسرى والقيمة العددية والنوعية التي ستلتزم إسرائيل بالإفراج عنهم مقابل أسراهم في قطاع غزة، والملف الثاني هو آلية وقف الحرب، وطبيعتها والتمركزات العسكرية داخل القطاع، مع ملف محور فيلادلفيا، أما الملف الثالث، فهو مستقبل غزة بعد الحرب.
ويعد الأسبوع الجاري، هي الأيام الفاصلة في أحدث محاولات إنهاء الصراع، خصوصا مع تفاقم تداعياته على المستوى الإقليمي مع الهجمات التي استهدفت القوات الأمريكية على الحدود الأردنية السورية، واستكمالا لحوار باريس، يصل وزيرا الخارجية لفرنسا وأمريكا، وذلك بالتزامن مع لقاءت سرية التفاصيل خلال الأيام الماضية لرئيس الموساد إلى القاهرة، وأعقبه وفد الحركات الفلسطينية، وهنا نرصد تفاصيل وتحليل ما هو قادم من تحركات.
وزير الخارجية ومهمة مزدوجة داخل 5 عواصم بـ4 أيام فقط
وخلال ساعات، وتحديدا غدا الأحد، يعود وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن إلى الشرق الأوسط، ليبدأ جولة أخرى من الدبلوماسية المكوكية في الوقت الذي يحاول فيه منع الحرب في غزة من التصاعد إلى صراع أوسع، وتشمل جولة بلينكن، المملكة العربية السعودية ومصر وقطر وإسرائيل والضفة الغربية، وذلك لمدة أربعة أيام من الجهود الدبلوماسية، وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية ماثيو ميلر إن أوباما سيركز على تأمين "الإفراج عن جميع الرهائن المتبقين" من غزة وكذلك الضغط من أجل "هدنة إنسانية" تسمح بوصول المزيد من المساعدات إلى الفلسطينيين في قطاع غزة.
بالإضافة إلى ذلك، سيعمل بلينكن على "منع انتشار الصراع"، الذي يهدد بالتحول إلى حرب إقليمية أوسع، مع احتدام التوتر على طول الحدود الإسرائيلية اللبنانية، وفي البحر الأحمر وفي سوريا والعراق والأردن، وقال ميلر: "سيواصل الوزير أيضًا المناقشات مع الشركاء حول كيفية إنشاء منطقة أكثر تكاملاً وسلامًا تتضمن أمنًا دائمًا للإسرائيليين والفلسطينيين على حد سواء، وما يمكن تسميته الحل النهائي للأزمة الحالية، وتعد تلك الزيارة هي الثانية لبلينكن خلال شهر واحد، حيث زار المنطقة مؤخرًا في بداية شهر يناير عندما سافر إلى تركيا والأردن وقطر والبحرين والإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية وإسرائيل والضفة الغربية المحتلة .
فرنسا على الخط لاستكمال مشاورات باريس
ولاستكمال مشاورات باريس، وبالتزامن مع زيارة وزير خارجية أمريكا، أعلنت الخارجية الفرنسية بدء وزير الخارجية ستيفان سيجورنيه، اليوم السبت، جولة شرق أوسطية تستمر حتى الثلاثاء، وتتمحور حول الآفاق السياسية لمرحلة ما بعد الحرب في غزة، وستكون الجولة الأولى للوزير الجديد في المنطقة ليزور مصر والأردن وإسرائيل والأراضي الفلسطينية ولبنان، وصرح المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية كريستوف لوموان أن سيجورنيه يسعى في جولته إلى «العمل للتوصل إلى وقف لإطلاق النار والإفراج عن الرهائن» وإقناع الأطراف المتصارعة بـ«إعادة فتح الأفق السياسي»، استناداً إلى مبدأ حل الدولتين.
وشدّد لوموان على «حزم» الموقف الفرنسي بالنسبة إلى «الظروف التي يجب أن تكون سائدة» في مرحلة ما بعد الحرب في غزة، وفقا لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، وقال إن «مستقبل غزة يندرج في إطار دولة فلسطينية موحدة يجب أن تمارس فيها سلطة فلسطينية معاد تنشيطها دورها»، مشدّداً على أن «فرنسا رفضت وترفض على الدوام إقامة مستوطنات في غزة أو النقل القسري للسكان الفلسطينيين»، ويبحث وزير الخارجية الفرنسي خلال جولته أيضاً في مخاطر اشتعال المنطقة «وسينقل رسائل مختلفة بوجوب ضبط النفس»، خصوصاً إلى لبنان، حيث آفاق اندلاع حرب جديدة بين إسرائيل و«حزب الله» تثير مخاوف كبيرة لدى المجتمع الدولي.
تركيا في المنطقة كورقة ضغط على حماس
ولا يختلف أحد من المتابعين، أن لكل دولة دورا داخل تلك الأزمة، وإن كان لأمريكا مهمة الضغط على تل أبيب، وفرنسا كصاحبة نفوذ بلبنان، فإن تركيا تتواجد بالمنطقة، كوسيط مقنع لحماس بجانب قطر، وبالفعل التقى إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس ووفد من قيادة الحركة، السيد إبراهيم قالن رئيس جهاز المخابرات التركي والوفد المرافق، وذلك داخل الأراضي المصرية، حيث يتواجد وفد حماس للتشاور حول بنود الصفقة المحتملة، والتي تم صياغتها الأولية في اجتماع باريس.
وبحسب ما أعلنته حركة حماس، فقد بُحث خلال اللقاء تطورات الأوضاع في قطاع غزة وسبل وقف إطلاق النار وإنهاء الحصار، وإدخال المساعدات والاحتياجات الإنسانية لشعبنا الفلسطيني في القطاع، إلى جانب استعراض آخر ما وصلت إليه مباحثات تبادل الأسرى، وجرى التأكيد خلال اللقاء على أن إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس هي أساس الاستقرار في المنطقة.
هذا ما تم التوصل إليه في باريس
وتأتي تلك التحركات في أعقاب الورقة المبدئية التي تم صياغتها في اجتماع باريس منذ أسبوعين، حيث اقتربت إسرائيل وحركة حماس من التوصل إلى اتفاق يقضى بوقف العدوان على غزة لمدة شهرين، مقابل الإفراج عن أكثر من 100 محتجز لدى الفصائل، وفق ما كشفت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، فقد تم مناقشة "مسودة اتفاق" تمت صياغتها بناء على المفاوضات، التي جرت بين إسرائيل وحماس، في الأيام العشرة الأخيرة، وسط تفاؤل من الوسطاء، وبحسب الصحيفة التي لفتت إلى وجود بعض الخلافات حول نقاط معينة، وسيتم العمل على تقريب وجهات النظر في الاجتماع، وهو ما دعى لجولات الوزراء الغربين بالمنطقة.
وتوقعت الصحيفة إمكانية إبرام مثل هذه الصفقة خلال الأسبوعين المقبلين، مشيرة إلى أن المفاوضين وضعوا مسودة اتفاق مكتوبة تدمج المقترحات، التي قدمتها إسرائيل وحماس، في إطار عمل أساسي، وهو ما مت مناقشته في المحادثات بباريس، جاء قرار التحركات المكوكية خلال هذ الأسبوع، في محاولة، لإزالة الخلافات الموجودة بين أطراف النزاع، وسط أجواء تفاؤل حذر بأن الاتفاق النهائي في متناول اليد، وقد أوضحت" نيويورك تايمز" أن مسؤولين كبار في ما لا يقل عن 10 إدارات مختلفة في الحكومة الأمريكية، يعملون على صياغة مجموعة من الصفقات المثيرة للاهتمام لإنهاء الحرب في غزة.
وذكرت الصحيفة، أنه في المرحلة الأولى، سيتوقف القتال لمدة 30 يومًا تقريبًا بينما تطلق حماس سراح النساء والمسنين والجرحى من المحتجزين، وخلال تلك الفترة، سيعمل الجانبان على وضع تفاصيل المرحلة الثانية، التي من شأنها وقف إطلاق النار لمدة 30 يومًا أخرى تقريبًا، مقابل الإفراج عن جنود إسرائيليين ومدنيين ذكور، ولا يزال يتعين التفاوض بشأن نسبة الأسرى الفلسطينيين، الذين سيتم إطلاق سراحهم من السجون الإسرائيلية، لكن "نيويورك تايمز" تشير إلى أن القضية يُنظر إليها على أنها قابلة للحل، كما ستسمح مسودة الاتفاق الجديدة أيضًا بإدخال المزيد من المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة المدمر جراء العدوان الإسرائيلي المدمر.
اتفاق محور فيلادلفيا خطوة مفصلية لإنهاء الحرب
وبالتأكيد، لا يمكن حسم الأزمة داخل غزة، دون التوصل لاتفاق نهائي حول ملف محور فيلادلفيا، وبالفعل كانت هناك مشاورات جادة بين مصر وإسرائيل حول هذا الملف، وذلك بحسب ما سربه الجانب الإسرائيلي، حيث كشفت عدد من الصحف الإسرائيلية، تفاصيل الاتفاق الذي توصلت إليه تل أبيب مع القاهرة، بخصوص أزمة محور فيلادلفيا الحدودي، وذلك في أعقاب زيارة رئيس الموساد الإسرائيلي إلى القاهرة بصحبة فريق تقني وأمني لمناقشة تلك الأزمة، حيث الحديث عن 3 مراحل لحل الأزمة.
ووفقا لما جاء في صحيفة سروجيم العبرية، فقد أكدت مصادر عسكرية إسرائيلية مطلعة، وفقا لما نشره المراسل العسكري دورون كادوش على قنوات الجيش الإسرائيلي، أن الطرفين المصري والإسرائيلي يتشاورون حول ورقة مبدئية، تتضمن تعهد إسرائيلي بعدم اتخاذ أي خطوة عسكرية على الحدود المصرية بمحور فيلادلفيا في ظل وجود فلسطيني داخل رفح، وذلك لطمأنة الجانب المصري بخصوص تخوفها من عبور آلاف الفلسطينيين للجانب المصري.
وبحسب ما جاء بالتقرير الإسرائيلي، فقد تعهدت إسرائيل للمصريين بأنه سيتم إخلاء سكان رفح، قبل أي تحرك عسكري إسرائيلي، ولكن لم يتحدد بعد المكان الذي سيتم إجلاء السكان فيه، ولكن بحسب التقرير هناك خياران، العودة إلى شمال قطاع غزة وفق قرار سياسي أو إلى الخان منطقة يونس بعد انتهاء القتال هناك، وأضافت المصادر العسكرية الإسرائيلية، أن إسرائيل سيكون لها تأثير معين على ما يحدث على طول المحور، لكنها لن تتمكن من تمركز قواتها بشكل دائم، إلا من خلال الوسائل التكنولوجية التي سيتم تركيبها على طول المحور، كما أن هناك محادثات حول قيام دولة عربية بتوفير التمويل لبناء الجدار تحت الأرض لمنع إنشاء أنفاق التهريب من مصر إلى غزة، لكن الموافقة على هذه الخطوة مرهونة بقرار مصر.
ويمتد محور صلاح الدين المعروف باسم "محور فيلادلفيا"، داخل قطاع غزة من البحر المتوسط شمالا حتى معبر كرم أبو سالم جنوبا بطول الحدود المصرية، التي تبلغ نحو 14 كيلومترا، وقد تحدثت القيادة المصرية بشكل واضح عن رفضها قيام إسرائيل بأي علم عسكري في تلك المنطقة، وأن ذلك يتعارض مع اتفاقية كامب ديفيد، والتي تشترط موافقة القاهرة لأي عمل عسكري إسرائيلي بتلك المنطقة.