-

معجزات اﻟﺪﻋﺎء ﻓﻲ اﻟﺴﺠﻮﺩ وأقوال الفقهاء فيه.. 10

(اخر تعديل 2024-09-09 15:44:53 )

يغفل الكثيرون عن معجزات اﻟﺪﻋﺎء ﻓﻲ اﻟﺴﺠﻮﺩ، وأقوال المذاهب الأربعة في اﻟﺪﻋﺎء ﻓﻲ اﻟﺴﺠﻮﺩ، حيث نرصد في التقرير التالي ما جاء في شأن معجزات اﻟﺪﻋﺎء ﻓﻲ اﻟﺴﺠﻮﺩ.

معجزات اﻟﺪﻋﺎء ﻓﻲ اﻟﺴﺠﻮﺩ

وقبل أن نرصد معجزات اﻟﺪﻋﺎء ﻓﻲ اﻟﺴﺠﻮﺩ، عليك أن تعلم ماذا قالت المذاهب الأربعة في الدعاء في السجود، حيث ﻗﺎﻝ اﻟﺤﻨﻔﻴﺔ: ﻻ ﻳﺄﺗﻲ اﻟﻤﺼﻠﻲ ﻓﻲ ﺭﻛﻮﻋﻪ ﻭﺳﺠﻮﺩﻩ ﺑﻐﻴﺮ اﻟﺘﺴﺒﻴﺢ، ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺬﻫﺐ، ﻭﻣﺎ ﻭﺭﺩ ﻣﺤﻤﻮﻝ ﻋﻠﻰ اﻟﻨﻔﻞ، وﻳﻨﺪﺏ اﻟﺪﻋﺎء ﻓﻲ اﻟﺴﺠﻮﺩ ﻋﻨﺪ الماﻟﻜﻴﺔ ﺑﻣﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﺄﻣﻮﺭ اﻟﺪﻳﻦ ﺃﻭ اﻟﺪﻧﻴﺎ، ﺃﻭ اﻵﺧﺮﺓ، ﻟﻪ ﺃﻭ ﻟﻐﻴﺮﻩ، ﺧﺼﻮﺻﺎ ﺃﻭ ﻋﻤﻮﻣﺎ، ﺑﻼ ﺣﺪ، ﺑﻞ ﺑﺤﺴﺐ ﻣﺎ ﻳﺴﺮ اﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ.

كما أنه ﻻ ﺑﺄﺱ بالدعاء في السجود ﻋﻨﺪ اﻟﺤﻨﺎﺑﻠﺔ ﺑﺎﻟﺪﻋﺎء اﻟﻤﺄﺛﻮﺭ ﺃﻭ اﻷﺫﻛﺎﺭ، وﻳﺘﺄﻛﺪ ﻃﻠﺐ اﻟﺪﻋﺎء ﻓﻲ اﻟﺴﺠﻮﺩ ﻋﻨﺪ اﻟﺸﺎﻓﻌﻴﺔ. ﻭﺩﻟﻴﻠﻬﻢ ﺧﺒﺮ ﻣﺴﻠﻢ ﻭﻏﻴﺮﻩ: «ﺃﻗﺮﺏ ﻣﺎ ﻳﻜﻮﻥ اﻟﻌﺒﺪ ﻣﻦ ﺭﺑﻪ ﻭﻫﻮ ﺳﺎﺟﺪ، ﻓﺄﻛﺜﺮﻭا اﻟﺪﻋﺎء، ﻓﻘﻤﻦ ﺃﻥ ﻳﺴﺘﺠﺎﺏ ﻟﻜﻢ» رواه أحمد ومسلم وأبو داود ﺃﻱ ﺃﻛﺜﺮﻭا اﻟﺪﻋﺎء ﻓﻲ ﺳﺠﻮﺩﻛﻢ، ﻓﺤﻘﻴﻖ ﺃﻥ ﻳﺴﺘﺠﺎﺏ ﻟﻜﻢ.

ﻭﻋﻦ ﺃﺑﻲ ﺳﻌﻴﺪ ﺃﻥ اﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻗﺎﻝ: ﻳﺎ ﻣﻌﺎﺫ، ﺇﺫا ﻭﺿﻌﺖ ﻭﺟﻬﻚ ﺳﺎﺟﺪا، ﻓﻘﻞ: اﻟﻠﻬﻢ ﺃﻋﻨﻲ ﻋﻠﻰ ﺷﻜﺮﻙ ﻭﺣﺴﻦ ﻋﺒﺎﺩﺗﻚ»، ﻭﻗﺎﻝ ﻋﻠﻲ ﺭﺿﻲ اﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ: «ﺃﺣﺐ اﻟﻜﻼﻡ ﺇﻟﻰ اﻟﻠﻪ ﺃﻥ ﻳﻘﻮﻝ اﻟﻌﺒﺪ، ﻭﻫﻮ ﺳﺎﺟﺪ: ﺭﺏ ﺇﻧﻲ ﻇﻠﻤﺖ ﻧﻔﺴﻲ ﻓﺎﻏﻔﺮ ﻟﻲ». ﻭﻋﻦ ﺃﺑﻲ ﻫﺮﻳﺮﺓ: «ﺃﻥ اﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻛﺎﻥ ﻳﻘﻮﻝ ﻓﻲ ﺳﺠﻮﺩﻩ: اﻟﻠﻬﻢ اﻏﻔﺮ ﻟﻲ ﺫﻧﺒﻲ ﻛﻠﻪ، ﺩﻗﻪ ﻭﺟﻠﻪ، ﻭﺃﻭﻟﻪ ﻭﺁﺧﺮﻩ، ﻭﻋﻼﻧﻴﺘﻪ ﻭﺳﺮﻩ».

صيغ الدعاء والاستغفار في السجود

قالت دار الإفتاء، إنه يُستحبالدعاء والتسبيح في السجودعمومًا، وقد وردت بعض صيغ الدعاء والاستغفار في السجود عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، مستدلة بما ورد عن السيدة عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ فِي رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ: «سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَبِحَمْدِكَ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي» أخرجه البخاري في "صحيحه".

وأضافت: "وعَنْ عَلِي بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ إِذَا قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ قَالَ: «وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ، إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، لَا شَرِيكَ لَهُ، وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ، اللهُمَّ أَنْتَ الْمَلِكُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، أَنْتَ رَبِّي وَأَنَا عَبْدُكَ، ظَلَمْتُ نَفْسِي، وَاعْتَرَفْتُ بِذَنْبِي، فَاغْفِرْ لِي ذُنُوبِي جَمِيعًا، إِنَّهُ لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ، وَاهْدِنِي لِأَحْسَنِ الْأَخْلَاقِ لَا يَهْدِي لِأَحْسَنِهَا إِلَّا أَنْتَ، وَاصْرِفْ عَنِّي سَيِّئَهَا لَا يَصْرِفُ عَنِّي سَيِّئَهَا إِلَّا أَنْتَ، لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ، وَالْخَيْرُ كُلُّهُ فِي يَدَيْكَ، وَالشَّرُّ لَيْسَ إِلَيْكَ، أَنَا بِكَ وَإِلَيْكَ، تَبَارَكْتَ وَتَعَالَيْتَ، أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إِلَيْكَ»، وَإِذَا رَكَعَ قَالَ: «اللهُمَّ لَكَ رَكَعْتُ، وَبِكَ آمَنْتُ، وَلَكَ أَسْلَمْتُ، خَشَعَ لَكَ سَمْعِي وَبَصَرِي وَمُخِّي وَعَظْمِي وَعَصَبِي»، وَإِذَا رَفَعَ قَالَ: «اللهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ مِلْءَ السَّمَاوَاتِ وَمِلْءَ الْأَرْضِ وَمِلْءَ مَا بَيْنَهُمَا وَمِلْءَ مَا شِئْتَ مِنْ شَيْءٍ بَعْدُ»، وَإِذَا سَجَدَ قَالَ: «اللهُمَّ لَكَ سَجَدْتُ، وَبِكَ آمَنْتُ، وَلَكَ أَسْلَمْتُ، سَجَدَ وَجْهِي لِلَّذِي خَلَقَهُ وَصَوَّرَهُ وَشَقَّ سَمْعَهُ وَبَصَرَهُ، تَبَارَكَ اللهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ» أخرجه مسلم في "صحيحه".

معجزات اﻟﺪﻋﺎء وفضل اﻟﺴﺠﻮﺩ

كشف الشيخ عمرو الوردانى، أمين الفتوى بـ دار الإفتاء المصرية، إن أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد ، ومن ثم فإن أفضل الدعاء في السجود لحديث النبي -صلى الله عليه وسلم-: ( وَأَمَّا السُّجُودُ فَاجْتَهِدُوا فِي الدُّعَاءِ فَقَمِنٌ أَنْ يُسْتَجَابَ لَكُمْ). رواه مسلم، وثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في أكثر من حديث له بين فيه فضل السجود لله وحث أمته عليه منه:

أولًا أحب الأعمال إلى الله حيث يُدخل صاحبه الجنة لما ثبت في صحيح مسلم عن معدان بن أبي طلحة اليعمري رضي الله عنه قال: لقيت ثوبانَ مَولى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: أخبرني بعملٍ أعمله يدخلني به الجنة، أو قال: قلت: بأحبِّ الأعمال إلى الله، فسكت، ثم سألته، فسكت، ثم سألته الثالثة، فقال: سألت عن ذلك رسولَ الله صلى الله عليه وسلم فقال: «عليك بكثرة السجود لله؛ فإنك لا تسجد لله سجدةً، إلا رَفَعَك الله بها درجة، وحطَّ عنك بها خطيئة»، قال معدان: ثم لقيت أبا الدرداء فسألته فقال لي مثل ما قال ثوبان، [أخرجه مسلم].

ثانيًا مرافقة النبي -صلى الله عليه وسلم- في الجنة: لما ثبت في صحيح مسلم من حديث ربيعة بن كعب الأسلمي قال: كنت أبيت مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فأتيته بوضوئه وحاجته فقال لي: «سل» فقلت: أسألك مرافقتك في الجنة. قال -صلى الله عليه وسلم-: «أو غير ذلك؟» قلت: هو ذاك، قال: «فأعني على نفسك بكثرة السجود».

ثالثًا يرفع الله به الدرجات، ويحط به السيئات: لما ثبت عنه -صلى الله عليه وسلم-: «ما من مسلم يسجد لله سجدة إلا رفعه الله بها درجة وحط عنه سيئة»، وعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما مِن عبد يسجد لله سجدةً إلا كَتَب الله له بها حسنة، وحطَّ عنه بها سيئة، ورفع له بها درجة؛ فاستكثِروا من السجود» (أخرجه ابن ماجه).

رابعًا إذا سجد بن آدم اعتزل الشيطان يبكي، لما ثبت عنه -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: «إذا قرأ بن آدم السجدة فسجد اعتزل الشيطان يبكي ويقول يا ويله أمر هذا بالسجود فسجد فله الجنة وأمرت أنا بالسجود فعصيت فلي النار».

خامسًا من فضل السجود : أقرب ما يكون العبد من الله إذا سجد: لما ثبت عنه -صلى الله عليه وسلم- إنه قال: «إن أقرب ما يكون العبد من الله تعالى أن يكون ساجدًا»، وقال أبو هريرة رضي الله عنه: «أقرب ما يكون العبد إلى الله عز وجل إذا سجد فأكثروا الدعاء عند ذلك».

سادسًا من علامات المؤمنين يوم اليامة وكان -صلى الله عليه وسلم- يقول: «ما من أمتي من أحد إلا وأنا أعرفه يوم القيامة قالوا: وكيف تعرفهم يا رسول الله في كثرة الخلائق، قال: أرأيت لو دخلت صبرة فيها خيل دهم بهم وفيها فرس أغر محجل أما كنت تعرفه فيها؟ قال: بلى، قال: «فإن أمتي يومئذ غر من السجود محجلون من الوضوء».

سابعًا إنَّ مَن سَجَدَ لله عز وجل، فلن تأكل النار أَثَرَ سجودِه؛ عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: «تأكل النار من ابن آدم إلا أَثَر السجود؛ حرَّم الله على النار أن تأكل أَثَر السجود»؛ (متفق عليه).

ثامنًا إنَّ العبد أقرب ما يكون مِن ربِّه وهو ساجد؛ قال الله عز وجل: «فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ كَلَّا لَا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ» (العلق: 17 - 19)، وعن ابن عباس رضي الله عنه قال: قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: «أقربُ ما يكون العبد من ربِّه وهو ساجد؛ فأكثِروا فيه الدعاء»، (أخرجه مسلم).

تاسعًا إنَّ السجود موضعُ استجابةٍ للدعاء؛ عن ابن عباس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إني نُهيتُ أن أقرأ القرآن راكعًا أو ساجدًا، فأمَّا الركوع، فعظِّموا فيه الرب، وأمَّا السجود، فاجتهِدوا في الدعاء؛ فقَمِنٌ أن يستجاب لكم)» (أخرجه مسلم).

عاشرًا إنَّ السجود من أسباب رحمة الله لعبده؛ قال الله جل جلاله: «وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمَنِ قَالُوا وَمَا الرَّحْمَنُ أَنَسْجُدُ لِمَا تَأْمُرُنَا وَزَادَهُمْ نُفُورًا» (الفرقان: 60)، وذكر العلماء أن السجود من أسباب الرحمة؛ ولهذا قال: «اسْجُدُوا لِلرَّحْمَنِ» (الفرقان: 60) سواء السجود العام أو السجود الخاص، فإنه من أسباب الرحمة، ولهذا لم يقل: اسجدوا لله، بل قال: «اسْجُدُوا لِلرَّحْمَنِ» (الفرقان: 60)، يعني: لتصلوا إلى رحمة هذا المسجود له.