تأتي أوقات على أي إنسان تضيق به الحياة بما رحبت، فالحياة لا تخلو لأحد، ونهانا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أن يدعو أحد على نفسه بالموت حتى وإن إصابته مصيبة أو بلاء، فلا يوجد يأس ولا ضيق ولا حزن أكثر من الذي شعر به سيدنا يونس وهو فى ظلمة بطن الحوت وكان لا يتوقع أنه سيخرج منه حيا إلا عندما ردد “لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين”، فنجاه الله، وجاء فى قوله تعالى {وَلَا تَيْأَسُوا مِن رَّوْحِ اللَّهِ ۖ إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ}.
فلكل من ضاقت دنياه وأغلقت فى وجهة جميع الأبواب ولم يقف بجانبه أحد، باب الله موجود ينصر من استنصره ويغيث من استغاثه ولا يرضى لإنسان أن يكون حزين ولا كئيب لقوله تعالى ((إِنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا))، فجعل الحزن الذي يتذلل للإنسان كيد شيطانى فلا ترهق نفسك إلى هذا الحد الذي يدفعك إلى الاكتئاب والانطواء، فمن كان لديهم هموم كثيرة ومشاكل أو من كان لديه عمل يثقل عليه، والأم التي تربي أبناءها وتعبت منهم فعليهم بقراءة سورة الشرح.
سورة الشرح
لمن غلبة كثرة التفكير ولا يعلم ماذا يفعل فعليه بقراءة سورة الشرح كثيراً ويكثر من دعاء ( لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم)، ثم يستعين بالله ويترك الأمر له عز وجل.
وقال بعض العلماء إن قراءة سورة الشرح 40 مرة توسع الرزق، قال الله تعالى: ﴿أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ * وَوَضَعْنَا عَنْكَ وِزْرَكَ * الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ * وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ * فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا * فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ * وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ﴾.
نزلت هذه السورة الكريمة بعد سورة “الضحى”؛ وكأنها تكملة لها، فيها ظل العطف الندي، وفيها روح المناجاة للحبيب، وفيها استحضار مظاهر العناية، واستعراض مواقع الرعاية، وفيها البشرى باليسر والفرج، وفيها التوجيه إلى سرِّ اليُسْر وحبل الاتصال الوثيق.
فكان العلماء ينصحون دائما بقراءة سورة الشرح قال الله عز وجل ((أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ))، والسورة الكريمة كلها حمل للهم عن الانسان وفتح لأبواب الفرج وهزم وشد أزر الإنسان لهزيمة العسر.
فعندما نتأمل الآية فى قوله ((فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (5) إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا))، نجد أن كلمة العسر ذكرت مرتين ومُعرفة لأنها بالألف واللام فتكون عسرا واحدا، أما كلمة اليسر ذكرت مرتين منكرة دون الألف واللام، فتكون يسران، بمعنى أن الله عز وجل يقول إن مع العسر يسرا ويكرر ويؤكد “فإن مع العسر يسر”، فما دامت العسر التانية مُعرفة فتكون عين الأولى، وكأنه يقول هذا العسر بعينه معه يسر آخر فليس يسر واحد فالمعنى أن ذات العسر له يسران.
فقال العلماء: “إذا ضاقت بك الدنيا تفكر فى قوله تعالى ((أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ))، فعسراً بين يسرين إذا تذكرهما تفرح وورد فى الأثر لن يغلب عسرا يسران فكأن الله جعل كل عسراً محفوفاً بيسر قبله ولطفا بعده حتى يفتح للإنسان باباً”.
سورة الشرح
توحي بأن هناك ضائقة كانت في روح الرسول صلى الله عليه وسلم لأمر من أمور هذه الدعوة التي كلفها، ومن العقبات الوعرة في طريقها، ومن الكيد والمكر المضروب حولها، وتشير إلى أن صدره صلى الله عليه وسلم كان مثقلاً بهموم هذه الدعوة الثقيلة، وأنه كان يحس العبء فادحًا على كاهله، وأنه كان في حاجة إلى عون ومدد وزاد ورصيد، ثم كانت هذه المناجاة الحلوة.
فهذه السورة هى كنز لتفريج الهموم وتيسير الأرزاق، فهى سورة لا تقدر بثمن، كذلك الصالحون كان عندما يأتي اليهم أحد يشتكي لهم من الهموم كانوا ينصحونه بتلك السورة الجميلة وهى سورة «الشرح».
فمن مر بأزمة أو كرب فعليه أن يقرأ سورة الشرح بقدر ما يستطيع، ولكن عليه أولاً أن يتوضأ ويصلي ركعتين ولا يكلم أحد ويظل فى مكانه ثم يقرأ سورة الشرح سيجد نشاطا غريبا فى جسده.
فأحد الصالحين قال “من قرأها بعد كل صلاة فك الله كربه وهمه وأذهب حزنه وييسر رزقه”.