وضعت الدولة المصرية نصب أعينها خطة طموحة للتحول إلى مركز إقليمي لتجارة وتداولالغاز، والمساهمة في تأمين احتياجات الأسواق العالمية وذلك بعد نجاحها في تحقيق الاكتفاء الذاتي منه، بما تمتلكه من بنية تحتية تتمثل في شبكات ومصانع إسالة وموانئ تؤهلها للقيام بهذا الدور الهام.
ولا تتلقى أوروبا سوى نسبة صغيرة من الغاز الطبيعي المسال المفترض أن تحصل عليه من مصر. ومع ذلك، فقد زادت الاضطرابات من مخاوف الإمدادات الإجمالية في القارة، إذ يمكن أن يؤدي توسّع الصراع في الشرق الأوسط إلى قلب أسواق الطاقة العالمية رأساً على عقب.
مصر تصدر الغاز المسال
وبالرغم من تلك الاضطرابات، بدأت الدولة استئناف عملية تصدير الغاز المسال، خلال شهر أكتوبر الماضي، وهو أمر جيد ذو مردود إيجابي على الاقتصاد المصري، كما يساعد الدولة في تأمين مصادر العملة الصعبة "الدولار" ويوجد 3 شحنات غاز مسال غادرت مصر خلال شهر أكتوبر (2023).
وذكرت وكالة بلومبرج، في تقرير، أنه من المتوقع أن تصل الناقلة "ماران غاز كاليمنوس"، المحملة جزئياً بالغاز الطبيعي المسال، إلى ميناء العين السخنة، الجمعة، وفقاً لبيانات تتبع الناقلات.
ونتيجة للصراع الدائر حاليا في غزة، توقفت إمدادات الغاز القادمة من إسرائيل، إلى مصر، لفترة وجيزة، قبل أن تعود للتدفق، الخميس، ولكن بكميات صغيرة، بحسب ما قالته مصادر مسؤولة لوكالة رويترز.
مصر تصدر 12 مليون طن
وكان وزير البترول والثروة المعدنية طارق الملا، أكد أول أكتوبر الماضي أن مصر سوف تستأنف صادرات الغاز الطبيعي المسال ، وفقاً لما هو مخطط له.
وأضاف الملا- خلال تصريحات له، على هامش معرض ومؤتمر أبوظبي الدولي للبترول (أديبك) الذي انعقد أكتوبر الماضي: "نواصل الترتيب والاستعداد لذلك، والكميات لم تتحدد بعد".
ويمكن لمحطات الغاز الطبيعي المسال المصرية على ساحل البحر المتوسط أن تصدر 12 مليون طن متري سنوياً، وهو رقم تهدف البلاد إلى الوصول إليه في عام 2025، مما سيجعلها مصدراً رئيسياً للغاز الطبيعي المسال، لكن ارتفاع الاستهلاك المحلي منع أكبر دولة عربية من حيث عدد السكان من تصدير أي كميات في يونيو، وتواجه مصر طلباً متزايداً على الغاز من سكانها البالغ عددهم 105 ملايين نسمة.
وعانت البلاد خلال الفترة الأخيرة بشكل مؤقت، من انقطاع التيار الكهربائي في الصيف وانخفض إنتاجها من الغاز الطبيعي إلى أدنى مستوى له في ثلاث سنوات، وقال الملا إنه يتوقع تخفيف وتيرة انقطاع الكهرباء لكنه لم يذكر موعداً محدداً.
وأدى النمو السريع في إنتاج الغاز الطبيعي في مصر إلى تحولها من مستورد للغاز إلى مصدر له في أواخر عام 2018، وجاء ذلك بعد اكتشاف أكبر حقل في البحر المتوسط، ووصلت صادرات مصر من الغاز الطبيعي إلى مستوى قياسي بلغ 8 ملايين طن في عام 2022.
زيادة الصادرات لـ 7.5 مليون طن
ومن المتوقع أن تصل الصادرات هذا العام إلى 7.5 مليون طن، معظمها سيذهب إلى أوروبا وتركيا، فيما سيصدر الجزء المتبقي إلى آسيا.
وفي هذا الإطار، قال المهندس مدحت يوسف، نائب رئيس هيئة البترول الأسبق بوزارة البترول والثروة المعدنية، إن مصر لم تكن دولة مبتدئة أو جديدة في اكتشاف الغاز الطبيعي فهي منذ الكثير من السنوات وهي تقوم باكتشاف العديد من الحقول.
وأضاف يوسف- خلال تصريحات لـ "صدى البلد"، أن مصر خلال الفترة الماضية أصبحت مركزا محوريا لتبادل الطاقة في شرق المتوسط وأوروبا، وأن الاكتشافات المتتالية بمثابة دفعة اقتصادية كبيرة لمصر، خاصة وأن الدولة والشركات الأجنبية العاملة بها دائما تعلن عن العديد من الاكتشافات الجديدة الأخرى، وتابع أن أهمية الاكتشاف ليس فقط أهمية اقتصادية بل أهميته تكمن في استمرار نجاح القطاع في تحقيق مخططه، والتوسع في إنتاج الغاز وزيادة احتياطي الدولة وتعويض الحقول التي توقف الإنتاج بها.
وأضاف أن استمرارية الاكتشافات والتوسع في إنتاج الغاز الطبيعي هو المطلوب من قطاع الغاز، لان مصر في حاجة إلى النوعيات المتعددة من الغاز الطبيعي وأنواع الطاقة الأخرى، مشيرا إلى أن سياسة قطاع البترول في البروتوكولات الموقعة مع الشركاء الأجانب جيدة للغاية وتحمي الحقوق المصرية.
والجدير بالذكر، أن وضعت الدولة المصرية بعد تولي الرئيس السيسي حكم البلاد خطة طموحة نحو التحول إلى مركز إقليمي لتجارة وتداول الغاز وذلك بعد نجاحها في تحقيق الاكتفاء الذاتي منه، بما تمتلكه من بنية تحتية قوية تتمثل في شبكات ومصانع إسالة وموانئ تؤهلها للقيام بهذا الدور المهم.