تشهد العلاقات الاقتصادية والاستثمارية بين مصر والسعودية تطورا كبيرا، نظرا للرغبة المتواصلة من البلدين لزيادة الاستثمارات المشتركة، وهذه الرغبة يتم ترجمتها على أرض الواقع، حيث احتلت الاستثمارات السعودية المرتبة الأولي بين الدول العربية المستثمرة في مصر والمرتبة الثانية على مستوي الاستثمارات العالمية.
13 مليار دولار حجم التبادل التجاري
نشر مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، الأربعاء، على صفحته الرسمية عبر أحد مواقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك"، إنفوجرافا جديدا يسلط الضوء على حجم التبادل التجاري والاستثمارات بين مصر والسعودية، والذي وصل إلى 13.6 مليار دولار.
واستعرض المهندس أحمد سمير، وزير التجارة والصناعة، العلاقات الاقتصادية المصرية مع المملكة العربية السعودية، وخطة التعاون المستقبلي بين البلدين، حيث جاء ذلك خلال جلسة عمل موسعة بين وزير التجارة والصناعة المصري ووزير التجارة السعودي.
وتمثل السعودية أهمية اقتصادية بالنسبة لمصر كونها تعتبر سوقا للكثير من الصادرات المصرية الزراعية والصناعية والخدمية، ومستوعبًا للعمالة المصرية، ومصدرًا رئيسًا للحركة السياحية؛ إذ تلعب الاستثمارات السعودية دورًا مهما في تنويع ودعم الاقتصاد المصري، كما يمكن أن تمثل بوابة دخول للمنتجات المصرية للأسواق الخليجية، وأرضًا خصبة للاستثمارات المصرية في كثير من القطاعات.
وأيضا تمثل مصر أهمية اقتصادية خاصة للمملكة نظرا إلى أنها عمق للأسواق السعودية والخليجية، وسوق عالية الاستهلاك، كما يمكن أن تمثل بوابة مهمة للمنتجات السعودية للوصول إلى دول القارة الإفريقية، وتعد موردًا للعديد من المنتجات الزراعية والصناعية، ومصدرًا رئيسًا للعمالة والخبرات العلمية والفنية والمهنية، إضافة إلى مجلس الأعمال السعودي-المصري المشترك؛ وهو ما يمثل أدوات مهمة لتطوير مجالات وفرص التعاون بين البلدين على الأصعدة كافة.
زيادة الاستثمارات والميزان التجارى
وفي هذا الصدد، قال الدكتور رائد سلامة، الخبير الاقتصادي، إن من المهم جدا إدراك أن العلاقات الاقتصادية بين مصر ودول الجوار ومن أهمها المملكة السعودية هي من أهم الأمور التى تؤسس لعلاقات سياسية متينة.
وأوضح سلامة ـ في تصريحات خاصة لـ “صدى البلد”: العلاقات الاقتصادية القائمة على عمليات التبادل التجارى العادل هى علاقات لا تنتهى وتساعد دوما في تعميق العلاقات السياسية، مشيرا إلى أن مصر مازال لديها فرصا واعدة للغاية في مجال التبادل التجارى مع المملكة السعودية، فضلا عن تبادل فائض رأس المال البشرى الذى تستوعب المملكة السعودية جانبا كبيرا منه بما يدعم تحويلات العاملين بالخارج.
وواصل: وكذلك أحجام الاستثمارات الضخمة في مجال الاستثمار المباشر،و الميزان التجارى بين مصر والمملكة السعودية دوما ما يكون مائلا نحو استيرادنا للمواد البترولية، ولهذا فيجب الاعتناء بتنميته من خلال تطوير التصنيع وتحديث الزراعة حتى يمكن لمنتجاتنا ان تتنافس في السوق السعودى مع منتجات دول اخرى.
وأكد أن الرقم الذى أشار إليه الوزير في مجال التبادلات التجارية يمكن مضاعفته لصالح مصر من خلال خريطة تصديرية واضحة، ويمكن ايضا وهذا هو المهم أن تكون هناك خطة امثر وضوخا لترويج الاستثمار السعودى المباشر من خلال ما إقترحته بشأن الاستعانة ببنوك الاستثمار الوطنية لما لها من خبرات في مجال تسويق الاستثمارات من هذا النوع.
واختتم: وأعتقد انه بعد الانتخابات الرئاسية وبعد اتضاح الرؤية بشأن ما بعد المذابح الصهيونية في غزة، فستكون الفرصة مواتية لزيادة الاستثمارات والميزان التجارى.
توفير كافة أوجه الدعم للاستثمارات
وكان أكد المهندس أحمد سمير وزير التجارة والصناعة عمق العلاقات الثنائية الممتدة بين القيادتين السياسيتين بمصر والمملكة العربية السعودية والتي تستند إلى الروابط الأخوية والتاريخية بين الشعبين الشقيقين وتوافق الرؤى إزاء مختلف القضايا الإقليمية والعالمية ذات الاهتمام المشترك، مشيرا إلى أن ملتقي الأعمال السعودي المصري يمثل فرصة لتعزيز التعاون وزيادة الفرص الاستثمارية بين البلدين في مختلف المجالات التجارية والصناعية والاستثمارية.
وجاء ذلك خلال افتتاح الوزير ماجد القصبي وزير التجارة السعودي فعاليات ملتقي الأعمال السعودي المصري الذي عقد بمقر الاتحاد العام للغرف التجارية في أواخر نوفمبر الماضي، وناقش فرص ومقومات الاستثمار في السوقين المصري والسعودي وامكانيات استفادة مجتمعي الاعمال بالبلدين من هذه الفرص وترجمتها لمشروعات تعاون ملموسة تصب في مصلحة اقتصادي وشعبي البلدين الشقيقين.
وأشار سمير إلى حرص الوزارة على تقديم كافة أوجه الدعم للاستثمارات السعودية العاملة بالسوق المصري وذلك بالتعاون والتنسيق مع مختلف الوزارات والجهات المعنية، لافتا إلى أن الدولة توفر خلال المرحلة الحالية حزم حوافز غير مسبوقة للمشروعات الاستثمارية الاستراتيجية تشمل اعفاءات ضريبية وتيسيرات إجرائية بهدف التيسير على المستثمرين وجذب المزيد من الاستثمارات المحلية والاجنبية للسوق المصري.
وأضاف الوزير أن الوزارة حددت 152 فرصة استثمارية لتعميقها محليا وبما يسهم في توفير احتياجات السوق المحلي والتصدير للأسواق الإقليمية والعالمية، لافتا إلى أن هناك فرصا متميزة أمام المستثمرين السعوديين للاستثمار في السوق المصري في المجالات التي حددتها الوزارة.
ولفت سمير إلى حرص الدولة المصرية علي تحقيق التكامل الصناعي بين مصر والسعودية وبما يسهم في مواجهة الأزمات المركبة التي أثرت سلبا على الاقتصاد العالمي والتى تضمنت ازمة كورونا والأزمة الروسية الأوكرانية وادت إلى اضطرابات في سلاسل التوريد الإقليمية والعالمية، لافتا إلى أهمية تفعيل الجهود المشتركة بين البلدين لتحقيق الأمن الغذائي والدوائي بمصر والسعودية.
ومن جانبه أوضح أحمد الوكيل رئيس الاتحاد العام للغرف التجارية أن التكامل الاقتصادي المصري السعودي وكذا التعاون العربي يمثلان رغبة شعبية وسياسية مشتركة، مشيرا إلى أن حكومتي البلدين بذلتا جهود كبيرة لتهيئة المناخ للقطاع الخاص بالبلدين من خلال تبسيط الإجراءات التشريعية والمؤسسية وبما يسهم في تعزيز التعاون الصناعي والتجاري والاستثماري المشترك.
أهم قطاعات للاستثمار في مصر
وكان أكد رئيس مجلس الأعمال السعودي المصري، بندر بن محمد العامري، أن استثمارات القطاع الخاص السعودي في مصر وصلت إلى أكثر من 35 مليار دولار بعدد 7 آلاف شركة، فيما يتجاوز التبادل التجاري بين البلدين 60 مليار ريال، حيث تمثل شركات القطاع الخاص السعودي أكبر تجمع في مصر.
وقال العامري إن عدد الشركات المصرية في السعودية ارتفع من 800 شركة إلى 200 شركة حالياً ويتوقع أن يصل الاستثمار المصري إلى نحو 40 مليار ريال، وسط توجه ودعم من القيادة لزيادة الاستثمارات بين البلدين.
وأشار إلى أهمية العلاقة الاستراتيجية بين السعودية ومصر، حيث توجد زيارات وزارية متبادلة لتقريب وجهات النظر بشأن زيادة الاستثمارات بين البلدين، المتوقع أن تفوق التوقعات في المستقبل القريب.
وقال العامري، إنه تم حل الكثير من مشاكل الاستثمارات السعودية في مصر، ويوجد تجاوب غير مسبوق من رئيس الوزراء في هذا الشأن، وتشكيل الرئيس المصري اللجنة العليا للاستثمار هو أكبر دليل على حل التحديات أمام الاستثمارات، وصدرت قرارات مفرحة قبل الزيارة الحالية لوفد الاستثمار السعودي في عدة استثمارات.
وأضاف أن أهم القطاعات للاستثمار في مصر هي القطاع العقاري والصناعي والسياحي والزراعي ويضاف إليها قطاعات مثل الصحة والطاقة، لافتا إلى وجود 90 مستثمراً سعودياً من كل القطاعات في الوفد الاستثماري الحالي.
وفي وقت سابق، قال رئيس جهاز التمثيل التجاري المصري، يحيى الواثق بالله، إن مصر تستهدف جذب استثمارات سعودية جديدة بقيمة تتجاوز ملياري دولار خلال عامي 2023 و2024.
التبادل التجاري بالعملات المحلية
قال إن وزير التجارة السعودي يقدم مقترحاً لإتمام التبادل التجاري بين مصر والسعودية بالعملات المحلية.
وأضاف أن وزير التجارة السعودي تقدّم بمقترح لبحث إمكانية سداد جزء من عمليات التبادل التجاري بـ العملات المحلية، وسيخضع المقترح لمباحثات بين البنكين المركزيين في البلدين.
وكانت كشفت سفارة السعودية في القاهرة، أن حجم التبادل التجاري بين السعودية ومصر بلغ 221 مليار ريال (59 مليار دولار)، مع سعي البلدين نحو تحقيق التكامل التجاري وتفعيل الشراكة الاستراتيجية.
وأوضحت السفارة في بيان، أن حجم التبادل التجاري بين البلدين ارتفع من 25 مليار ريال في 2018 إلى 36 مليار في 2019.
وانخفض التبادل التجاري إلى 29 مليار ريال في 2020 (عام الجائحة)، ثم سجل قفزة إلى 54.5 مليار ريال في 2021، ثم 76.5 مليار ريال في عام 2022 بنمو 40% على أساس سنوي.
وتأتي السعودية في المرتبة الثانية من قائمة الشركاء التجاريين لمصر في عام 2022.
ويعكس التعاون التجاري والاقتصادي القوي بين مصر والسعودية، قوة العلاقات الاقتصادية والسياسية بين البلدين تاريخيا، ويعزز تلك العلاقات الزيارات المتبادلة بين كبار المسؤولين في كلا البلدين.