كان لمصر موقفا مشرفا من الأحداث التي يشهدها قطاع غزة بعد تجدد الصراع بين إسرائيل والمقاومة الفلسطينية قبل شهرين على خلفية تنفيذ الأخيرة لعملية طوفان الأقصى داخل المستوطنات القريبة من غلاف غزة وتسببت في خسائر فادحة لدولة الاحتلال.
دور مصر في قطاع غزة
ورفضت الإدارة السياسية في مصر والشعب المصري المخططات المسمومة التي يسعى الاحتلال وأعوانه لتنفيذها بقوة من خلال الضغط على سكان غزة عبر الضربات العنيفة التي توجه لهم بلا هوادة أو إنسانية منذ 61 يوما لمغادرة القطاع قسريا والتوجه نحو الأراضي المصرية.
وأكدت القيادة السياسية في مصر إنه لتصفية للقضية الفلسطينية ولا حلول لما يحدث داخل قطاع غزة على حساب الأراضي المصرية محذرة من السيناريوهات التي يروج لها البعض ومن سياسة العقاب الجماعي التي تنتهجها إسرائيل ضد المدنيين داخل القطاع، مشددة على أن حل الأزمة لا يكون إلا من خلال إقامة دولة فلسطين المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية.
وسارعت مصر قيادة وشعبا على تقديم يد العون للأشقاء ووجه الرئيس التحالف الوطني للجمعيات الأهلية بتسيير أكبر قافلة إغاثة إنسانية إلى سكان غزة، فضلا عن فتح مطار العريش الدولي أمام من يرغب من دول العالم لتقديم المساعدات الإنسانية، وأمر بإقامة مستشفى ميداني بمنطقة العريش لاستقبال الحالات الطارئة، ناهيك عن فتح المستشفيات المصرية أمام الفلسطينيين الفارين من غزة؛ لتلقي العلاج اللازم وغيرها الكثير.
ولم يتوقف الدور المصري عند الجزء الإنساني بل كان للموقف السياسي تقدير كبير حظي بإشادة قادة العالم أجمع والمؤسسات الدولية، فطرقت مصر كل الأبواب باحثة عن حل عاجل والتوصل لهدنة إنسانية ووقف دائم لإطلاق النار في غزة، واحترام حقوق الشعب الفلسطيني في أرضه وإقامة دولته والدفاع عن نفسه وتقرير مصيره وعدم إجباره على ترك أرضه، فيما استقبلت القاهرة وفودا من دول العالم كافة وشاركت في أكثر من قمة ومؤتمر للدفاع عن حقوق الفلسطينيين.
وشهدت الساعات القليلة الماضية مزايدة من الإعلامي عمرو أديب خلال إحدى فقرات برنامجه "الحكاية" على الدور المصري وتشويه ما تقوم به القاهرة من جهود كبيرة لحل الأزمة رغم الضغوطات والمغريات للتخلي عن الشعب الفلسطيني، مؤكدة رفضها التام والقطاع لما يدور في خلد البعض من سيناريوهات حول إرغام أكثر من 2.3 مليون شخص يعيشون داخل غزة على مغادرة أراضيهم كرها والتوجه نحو مصر.
المزايدة التي قام بها الإعلامي عمرو أديب قابلها فصيل كبير من الأعلام الوطني برد قاسي، رافضين ما يروج له من أفكار وما يسوقه من مزايدات تهدف للنيل من الدور المصري خاصة في ظل مشهد دولي وإقليمي معقد يحتاج إلى الوقوف خلف الوطن وعدم ترويج أفكار مسمومة، فيما توعدت أكبر جهة داخل الدولة لمحاسبة الإعلاميين المتجاوزين لميثاق الشرف الإعلامي (نقابة الإعلاميين) بمعاقبة الإعلامي "المزدوج" كما وصفه رئيس قناة القاهرة الإخبارية، وتحويله للتحقيق - بحسب رئيس النقابة الدكتور طارق سعدة.
محاسبة الإعلامي المزدوج
من جانبه شن الإعلامي يوسف الحسيني هجومًا حادًا على الإعلامي عمرو أديب بسبب تصريحاته وموقفه الأخير من الدولة المصرية، والانتقادات القوية التي يوجهها للدولة المصرية ومؤسساتها، قائلا إن "العالم أجمع يثمن دور مصر في القضية الفلسطينية وما تقدمه مصر من جهود عظيمة، إلا أن عمرو أديب لا يريد أن يرى ذلك".
وأضاف يوسف الحسيني، أنه ليس بينه وبين عمرو أديب أي خصومة على الإطلاق، إلا أن الأخير لديه إصرار شديد على التشكيك في المؤسسات المصرية، والتشكيك في الدولة المصرية، معقبا "لما يشوف حاجة حلوة أو وحشة دايما زعلان، سعر الدولار انخفض في السوق السوداء عمرو أديب كان زعلان، مش فاهم موقفه".
وأكد أستاذ العلوم السياسية الدكتور طارق فهمي، أن الدولة المصرية تبذل جهودا عديدة للوصول إلى حل للقضية الفلسطينية، وهي القادرة للتدخل لحل أزمة فلسطين، لما تملكه من تاريخ وثقل سياسي ودولي وخبرة لإيجاد حلول عاجلة للقضية، مشددا على أن "مصر لم تتدخل يوماً بهدف ما ولكنها تعمل منذ 75 عاماً من أجل الفلسطينين ولدينا أكثر من 120 ألف شهيد من أجل تلك القضية ومازلت مصر تعمل حتى هذه اللحظة من أجل الحفاظ على مقدرات الشعب الفلسطيني الآبي".
أما عن الدبلوماسية المصرية في التعامل مع القضية الفلسطينية، أشار فهمي: "الدبلوماسية المصرية نجحت بمهارة كبيرة وهي مدعومة من جهاز المخابرات العامة، الذي يقوم بمجهود كبير جدا، إضافة إلى مجهود أجهزة المعلومات التي تقدم دورا كبيرا، والدور المصري الآن يعتمد على 4 ركائز، وهي جهاز المخابرات وجهاز المعلومات والخارجية المصرية".
وتابع فهمي: "هناك أيضا الدبلوماسية الرئاسية والرئيس السيسي، مؤكدا أن جميعها نجحت بشكل كبير في استقبال العديد من رؤساء البلاد والمسئولين، الذين قاموا بزيارة مصر"، لافتا: "يتم ملاحظة أن آخر 50 يوما عدد من زاروا القاهرة لم يزوروا أي عاصمة أخرى، إضافة إلى محاولتها بشكل مستمر أن تجد حلولا لإنهاء الصراع في قطاع غزة؟".
من جانبه تتواصل العملية العسكرية التي تشنها إسرائيل داخل قطاع غزة منذ 61 يوما، وسط سقوط عدد كبير من الشهداء غالبيتهم من النساء والأطفال، فيما فشلت الجهود العربية والدولية لوقف الحرب التي تستخدم فيها تل أبيب كل ما هو محرم دوليا من أسلحة للقضاء على سكان القطاع.
وفشلت الجهود الدولية في الحفاظ على الهدنة الإنسانية المتفق عليها بين إسرائيل والفصائل الفسطينية، داخل قطاع غزة، والتي صمدت أسبوعا واحدا تبادل فيها الطرفان عدد من الرهائن الإسرائيليين المحتجزين لدى المقاومة مقابل الإفراج عن بعض الأسرى من داخل سجون الاحتلال.
تطورات الحرب في غزة
وبعد ساعات من انهيار الهدنة بين الجيش الإسرائيلي وحركة حماس والتي استمرت أسبوعا، أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية في غزة، ان عدد ضحايا العدوان الصهيوني على القطاع ارتفع إلى أكثر من 15523 شهيدًا و41316 جريحًا منذ بدء الحرب.
وأضافت أن أعداد الجرحى في القطاع أكبر من إمكانيات المستشفيات، لافتة إلى أن أكثر من مليون ونصف المليون نازح يواجهون كارثة صحية غير مسبوقة، مطالبة بممر إنساني آمن لعبور الإمدادات الطبية والمصابين، مؤكدة أن المنظومة الصحية عاجزة عن مواجهة أثار الحرب الإسرائيلية.