يتوقع بنك الاستثمار الأمريكي غولدمان ساكس، أن تشهد مصر تحولًا إيجابيًا كبيرًا في آفاق التمويل الخارجي خلال السنوات الأربع القادمة. حيث من المتوقع أن تحقق البلاد فائضًا في التمويل الخارجي يقدر بحوالي 26.5 مليار دولار. تلك التوقعات تأتي عكس التوقعات السابقة التي كانت تشير إلى تسجيل عجز مالي بقيمة 13 مليار دولار في فبراير الماضي.
وتعزز هذه التوقعات الجديدة من آفاق التمويل لمصر وتعكس التحسن الكبير في الأوضاع الاقتصادية والمالية للبلاد. وتتزايد أهمية هذا التحول الإيجابي في ظل العوامل الاقتصادية والمالية المتعددة التي تلعب دورًا في تعزيز الثقة الدولية في الاستثمار في مصر.
ومن بين العوامل الأساسية التي ساهمت في هذا التحول الإيجابي، يمكن ذكر نمو القطاعات الاقتصادية المختلفة في البلاد، مثل السياحة والتصنيع والطاقة. بالإضافة إلى ذلك، تشهد البلاد تعزيزًا في الاستثمارات الأجنبية المباشرة وزيادة الإيرادات السياحية.
استثمارات الإمارات في رأس الحكمة وتأثيرها
وخلال الربع الأول من العام، ساهم استثمار الإمارات في مشروع رأس الحكمة بالساحل الشمالي لمصر في تحسين الوضع المالي بشكل ملحوظ. هذا الاستثمار، بالإضافة إلى تعويم الجنيه المصري وزيادة أسعار الفائدة وتوقيع اتفاق معزز مع صندوق النقد الدولي، أسهم في تعزيز مصادر التمويل الخارجية لمصر. هذه العوامل مجتمعة قدمت دفعة قوية للاقتصاد المصري وساهمت في تحسين التوقعات المالية على المدى المتوسط.
تحليل صافي تدفقات المحافظ
وأشار تقرير غولدمان ساكس إلى وجود صافي تدفقات للمحافظ بقيمة 15 مليار دولار تقريبًا منذ بداية مارس. هذه التدفقات القوية ساعدت في تغطية العجز في ميزان المعاملات الجارية وأدت إلى تحقيق فائض مالي قوي. هذه الزيادة في التدفقات المالية تعكس ثقة المستثمرين الأجانب في الاقتصاد المصري وتعزز الاستقرار المالي.
زيادة الاستثمارات الأجنبية المباشرة
وتوقع البنك أن تصل الاستثمارات الأجنبية المباشرة لمصر إلى أكثر من 33 مليار دولار، مع توقعات بزيادة أسرع مما كان متوقعًا سابقًا.
وهذا النمو يعكس الاستقرار المتزايد في الاقتصاد الكلي وزيادة الاستثمارات في المشاريع الجديدة. هذه الاستثمارات الأجنبية تسهم في تعزيز النمو الاقتصادي وتوفير فرص عمل جديدة، مما يؤدي إلى تحسن مستوى المعيشة وزيادة الإيرادات الحكومية.
تحسن المركز الخارجي لمصر
وأدى التحسن في المركز الخارجي لمصر إلى انخفاض صافي الالتزامات الأجنبية في القطاع النقدي من ذروة بلغت 29 مليار دولار في يناير إلى 4 مليارات دولار بنهاية مارس. هذا التحسن يعكس نجاح السياسات الاقتصادية والإصلاحات التي تنفذها الحكومة المصرية، ويعزز قدرة مصر على مواجهة التحديات الاقتصادية العالمية.
زيادة احتياطيات النقد الأجنبي
وتوقع غولدمان ساكس أن تزيد احتياطيات النقد الأجنبي لمصر بقوة لتتجاوز 60 مليار دولار بنهاية عام 2027. هذه الزيادة الكبيرة في الاحتياطيات تعكس التحسن في التدفقات المالية والتحويلات الأجنبية، مما يعزز الاستقرار المالي ويزيد من قدرة مصر على تلبية احتياجاتها النقدية.
انخفاض الاقتراض المحلي
على صعيد آخر، توقع البنك أن تنخفض متطلبات الاقتراض المحلي للحكومة بشكل كبير في الربع الثاني من العام الجاري.
وأشارت البيانات إلى أن وزارة المالية باعت أدوات دين محلية بقيمة 2.2 تريليون جنيه في الربع الأول من عام 2024، حيث تم إصدار نصف هذه الأدوات في مارس بعد خفض قيمة العملة. هذه الإجراءات تهدف إلى تقليل الاعتماد على الاقتراض المحلي وتعزيز الاستقرار المالي.
توقعات انخفاض متطلبات الاقتراض
ومن المتوقع أن تنخفض متطلبات الاقتراض في الربع الثاني إلى حوالي 900 مليار جنيه، نتيجة لعوامل منها التمويل المسبق الذي قامت به الحكومة في الربع الأول، والتدفقات الناتجة من عوائد صفقة رأس الحكمة، وانخفاض العجز الحكومي إلى نحو 200 مليار دولار، وتراجع في إطفاء الدين. هذا الانخفاض في متطلبات الاقتراض يعكس التحسن في الوضع المالي وزيادة التدفقات المالية.
انخفاض أحجام العطاءات وانخفاض العوائد
وأوضح البنك أن انخفاض أحجام العطاءات منذ بداية الربع الثاني وكذلك انخفاض العوائد يفسر بشكل كبير التوجهات الإيجابية في الاقتصاد المصري. هذا الانخفاض يعكس التحسن في البيئة الاقتصادية والمالية وزيادة الثقة في الاقتصاد المصري.
وتشير التوقعات الاقتصادية لبنك غولدمان ساكس إلى مستقبل واعد لمصر من حيث التمويل الخارجي والاستثمارات الأجنبية. هذا التحسن يعكس نجاح السياسات الاقتصادية والإصلاحات المالية التي تنفذها الحكومة المصرية. زيادة الاستثمارات الأجنبية المباشرة، وتحسن المركز الخارجي، وزيادة احتياطيات النقد الأجنبي، وانخفاض الاقتراض المحلي، كلها عوامل تسهم في تعزيز النمو الاقتصادي والاستقرار المالي لمصر على المدى الطويل.