-

لطمة قوية من بريكس لمجموعة السبع الكبار..

(اخر تعديل 2024-09-09 15:44:53 )

نشهد صعود سريع لمجموعة بريكس أدى إلى إحداث تحول في الاقتصاد العالمي، حيث من المتوقع أن ترتفع حصة المجموعة في الناتج المحلي الإجمالي العالمي من حيث تعادل القوة الشرائية إلى ما هو أبعد بكثير من حصة مجموعة السبع من الاقتصادات المتقدمة الرئيسية.

بريكس وسوق النفط

وتضم مجموعة بريكس حاليا البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا، ولكن المجموعة ستنضم إليها في يناير كل من مصر والأرجنتين وإثيوبيا وإيران والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة.

وتتكون مجموعة السبع للدول الصناعية والمتقدمة من الولايات المتحدة وكندا والمملكة المتحدة وفرنسا وإيطاليا وألمانيا واليابان.

وتحظى الدول الأعضاء، بصفة عامة، بديمقراطية وحرية أقل مقارنة بالاقتصادات المتقدمة، ويمكن أن يسفر الثقل الاقتصادي المتنامي عن تحول هائل في النفوذ.

رغم ذلك، يفتقر التكتل للتجانس، وهو ما سيقف حجر عثرة في طريق الأهداف الطموحة لبعض دول المجموعة، مثل منافسة الدولار الأميركي على دوره المهيمن عالمياً.

وبينما لا توجد عملة مثل "البترودولار"، فإن الدولار الأمريكي هو الوسيلة التي تجري فيها معظم التجارة العالمية بين الدول في جميع أنحاء العالم.

ويشتري العالم النفط من الشرق الأوسط بـ الدولار الأمريكي وهذه هي الطريقة التي تمسك بها كلمة البترودولار لأرباح الدول العربية من بيع النفط الخام والبول (البترول والزيوت ومواد التشحيم).

وكان مفهوم البترودولار عنصرا مركزيا في الاقتصاد العالمي والجغرافيا السياسية لعقود، ويشير إلى ممارسة تداول النفط بـ الدولار الأمريكي، مما وفر للولايات المتحدة مزايا اقتصادية وسياسية كبيرة.

ومع ذلك، في السنوات الأخيرة، كانت هناك تكهنات حول تراجع البترودولار وظهور بدائل جديدة، كما يقول المحللون الماليون الأمريكيون.

تفوق مجموعة يريكس

وتحظى المجموعة بعدة مزايا وهي الحجم والتنوع والطموح، فتعد البريكس الموسعة أكبر فعلاً من مجموعة الدول السبع الصناعية الكبرى، التي تضم كندا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا واليابان والمملكة المتحدة والولايات المتحدة الأميركية.

ومثل التكتل خلال العام 2022، 36% من الاقتصاد العالمي، مقابل 30% لمجموعة الدول المتقدمة اقتصادياً، فيما تشير التوقعات إلى أن توسع القوى العاملة والمجال الضخم المتاح للحاق بركب التطور التكنولوجي سيوسع حصة "بريكس+" إلى 45% مع حلول 2040، بالمقارنة مع 21% لاقتصادات مجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى.

وعملياً، ستتبادل "بريكس+" ومجموعة السبع المواقع في الحجم النسبي حتى2040. وسيعني التمتع بثقل اقتصادي التمتع أيضاً بنفوذ سياسي.

وستضم عضوية التكتل بعضاً من أكبر الدول المصدرة للنفط على مستوى العالم (المملكة العربية السعودية وروسيا والإمارات العربية المتحدة وإيران) وبعض من أكبر مستورديه (الصين والهند).

وفي حال نجح اعتماد عملات غير الدولار لتسوية بعض صفقات النفط، فقد يؤثر ذلك بطريقة غير مباشرة على حصة العملة الأميركية من التجارة الدولية واحتياطيات النقد الأجنبي عالمياً.

وبات واضحاً أن إضعاف هيمنة الدولار يعد أحد طموحات "بريكس+"، فقد سعت الصين كثيراً إلى تدعيم دور اليوان في التجارة العالمية، ودعا الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا التكتل إلى إيجاد بديل للدولار الأميركي.

بينما ترى روسيا أن توجيه عملية إعادة التنظيم الاقتصادي نحو الصين والابتعاد عن أوروبا يشكل خياراً عقلانياً وحيداً فيما تستمر في حربها على أوكرانيا، وبسبب العقوبات تبيع موسكو النفط فعلياً للصين باليوان.

وتضم "بريكس" دولاً مصدرة للنفط ومستوردين له لعضويتها، لكن بعضها يجري صفقات النفط بالدولار الأمريكي، يربط البلدان المنتجان المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة عملتيهما بالدولار ويحتاجان لاحتياطيات بالعملة الأميركية لدعم وضعيهما المالي، حتى من دون ربط.

وتفضل غالبية البلدان -ما لم تكن خاضعة لعقوبات على غرار إيران أو روسيا- المدفوعات بالدولار باعتباره وسيلة التداول الأكثر قبولاً في التجارة الدولية.

وهناك تردد في مجموعة دول "بريكس" عن الترويج لعملة بديلة، فروسيا لا ترغب في الحصول على الروبية من الهند مقابل نفطها، بسبب عدم رغبتها بتكديس مدخراتها في الهند، لكن ماذا لو سددت الهند المدفوعات لروسيا باليوان الصيني؟.

وهنا تبرز المنافسة الجيوسياسية بين نيودلهي وبكين؛ حيث إن الأولى لن ترغب في الترويج لاستخدام اليوان الصيني في التجارة العالمية.

بريكس واقتصاد العالم

ويفتقر التكتل الموسع إلى توافق الآراء والتلاحم؛ فالهند تعاني من نزاع حدودي متجدد مع الصين. وقد تتفاقم التوترات مع نهوض الهند وتراجع الصين.

وقال أبوبكر الديب الباحث في العلاقات الدولية والاقتصاد السياسي ومستشار المركز العربي للدراسات، إن مجموعة "بريكس+" سوف توثر في الاقتصاد العالمي بالإيجاب، وسوف ترتفع حصة المجموعة في الناتج المحلي الإجمالي العالمي من حيث تعادل القوة الشرائية،

وأضاف أن السعودية وروسيا من أكبر الدول المنتجة للنفط على مستوى العالم وبطبيعة الحال إذا انضمت إليهم الإمارات العربية المتحدة؛ فإن ذلك سيكون بمثابة القوة الضاربة لسوق النفط في العالم وستكون في يد البريكس.

وتابع الديب - خلال تصريحات لــ"صدى البلد"، أن تكتل بريكس أصبح وضعه الحالي أكبر من وضع مجموعة السبع الكبار على مستوى الناتج المحلي، وسيزداد الأمر أيضاً بعد انضمام الـ 6 دول الكبار إليها، مشيراً إلى أن هناك أيضاً دول معلقة سوف تضاف في المستقبل للبريكس.

ولفت: سيكون ذلك التكتل أكبر تكتل على جميع المستويات سواء على مستوى الطاقة أو النفط، أو على مستوى الوضع الاقتصادي العام، فضلاً عن المستوى الجيوسياسي والعسكري.

وأشار إلى أنه هناك 3 دول من المنضمين لديهم جيوش قوية للغاية، وبالتالي تحالف بريكس سيكون له قوة كبيرة في المستقبل على جميع المستويات سواء السياسية أو الاقتصادية والجيوسياسية والعسكرية.

وفي نفس السياق، إندونيسيا لم تنضم بعد إلى مجموعة "بريكس+"، لكن اقتصادها أكبر من مصر والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، ويُرجح أن تتفوق في نموها على اثنتين من الدول الثلاث، وتفوقت كل من نيجيريا وتايلندا على إيران في معياري "أونيل"، وتتقدم المكسيك وتركيا على الأرجنتين، كما ينطبق الأمر ذاته على بنجلاديش إذا ما قورنت مع إثيوبيا.

والجدير بالذكر، أن مجموعة بريكس تهدف إلى إعادة تشكيل المشهد الجيوسياسي العالمي، ومن خلال إضافة أعضاء جدد، مثل دول الخليج، يظهرون التزاما بتوسيع نفوذهم إلى ما وراء مجموعتهم الأصلية ويريدون تحدي هيمنة الدولار الأمريكي "البترودولار".

وتلعب مجموعة بريكس، بنفوذها وطموحاتها المتزايدة، دورا في إعادة تشكيل المشهد الاقتصادي والجيوسياسي العالمي.

ومع استمرار تطور هذه الديناميكيات، من الأهمية بمكان مراقبة كيفية تأثيرها على الأنظمة المالية وهياكل السلطة في العالم، كما يقول المحللون الماليون في وول ستريت.

وداخل وول ستريت، وهي مجلة إعلامية ومرسلة أخبار تحلل اتجاهات التداول العالمية وتحركات العملات، تقول إن النفط يتم شراؤه الآن بعملة غير الدولار الأمريكي، والآن، تستخدم روسيا اليوان الصيني لتسوية 25٪ من تجارتها مع بقية العالم.