اتخذت الحكومة مجموعة من الإجراءات والتدابير خلال الفترة الماضية لمواجهة أزمة النقص في العملة الأجنبية "الدولار" والصرف التي جاءت كنتيجة للتوترات التي يعيشها العالم، حيث الأزمة الروسية الأوكرانية ومن قبلها جائحة كورونا، ثم تجدد الصراع بين إسرائيل والمقاومة الفلسطينية.
لا تعويم قريب للجنيه
وساهمت تلك الأزمات في كثير من التداعيات الاقتصادية العالمية، وتأثرت كبرى الاقتصادات حول العالم ومن بينها مصر، وبالتالي فإن هناك العديد من المسارات الاقتصادية التى اتبعتها الحكومة لعبور هذه الأزمة، حيث تم إصدار مؤخرا مجموعة من المؤشرات والأرقام التي تثبت قوة الاقتصاد المصري في مواجهة التحديات الاقتصادية العالمية.
وجدّد تصريح رئيس مجلس الوزراء، الدكتور مصطفى مدبولي، قبل عدة أيام، حول قرب انتهاء أزمة العملة الأجنبية في مصر قبل، تكهنات الخبراء والمحللين تجاه إقدام البنك المركزي المصري على تحرير جديد لسعر الصرف، يتبعه حزمة إجراءات من بينها ارتفاع الفائدة على الشهادات البنكية في البنوك العامة إلى مستويات كبيرة قد تتجاوز نسبتها حاجز الـ 30%.
ونفت مصادر مصرفية في وقت سابق ما تم تداوله حول توقعات تعويم الجنيه المصري وارتفاع سعر صرف الدولار الأمريكي في الفترة المقبلة، حيث نفى بنك كريدي سويس بشكل خاص الادعاءات التي تفيد بحدوث تعويم جديد للجنيه المصري خلال الأشهر المقبلة، وتوقعوا أن الجنيه سيظل ثابتًا وقويًا في الفترة المقبلة.
فيما أشاد الباحث في العلاقات الدولية، ومستشار المركز العربي للدراسات، أبوبكر الديب، بالتحركات التي تقوم بها الحكومة لحل أزمة الصرف "الدولار"، مشيرا: أتوقع مع بداية العام المقبل أن تكون هناك حزمة قرارات اقتصادية هامة، وأن تتخذ الحكومة خطوات لجذب استثمارات أجنبية بصورة دائمة مع زيادة وتيرة التخارج من بعض الشركات العامة ضمن برنامج الطروحات الحكومية، وسنشهد المزيد من الاستثمارات العربية والأجنبية التي تضخ في السوق المصرية.
وأضاف الديب - في تصريحات لـ"صدى البلد": حسب تصريحات رسمية للحكومة، فإنها تستهدف زيادة إيراداتها الدولارية إلى 190 مليار دولار سنوياً بحلول عام 2026، مقابل 70 مليار دولار حالياً، وذلك بنحو 70 مليار دولار في السنة، من خلال زيادة إيرادات السياحة بنحو 20% سنويا، والصادرات السلعية 20%، وتحويلات المصريين من الخارج 10% والاستثمارات الأجنبية المباشرة 10% وإيرادات قناة السويس 10% وخدمات التعهيد 10%.
وأشار: بلغت إيرادات قناة السويس في العام المالي المنتهي الماضي نحو 9 مليارات دولار، فيما تستهدف الحكومة إيرادات بقيمة 15 مليار دولار من قطاع السياحة هذا العام والوصول بقيمة الصادرات السلعية إلى 88 مليار دولار سنويا، و45 مليار دولار من تحويلات العاملين في الخارج، و13 مليار دولار من الاستثمار الأجنبي، و17 مليار دولار من قطاع الخدمات البحرية وقناة السويس، بالإضافة لزيادة إيرادات خدمات التعهيد إلى 9 مليارات دولار سنوياً، وتمكنت الدولة من جمع نحو 648.6 مليار دولار خلال الفترة من 2010 حتى 2020 عبر 5 مصادر.
وتبحث الحكومة عن حلول قصيرة الأمد وعاجلة لحل أزمة الدولار الراهنة وتوفير سيولة من النقد الأجنبي، وذلك من خلال عدد من الإجراءات والتدابير، والتي تتنوع ما بين الانخراط في تكتلات اقتصادية - طرح سندات دولية في عدة أسواق - التبادل التجاري بالعملة المحلية مع الشركاء التجاريين عرب كانوا أو دوليين، إضافة إلى تنفيذ برنامج الطروحات وتقديم عدد من المبادرات كان أخرها الإعلان عن مبادرة لـ بيع الوحدات العقارية بالدولار.
تصدير العقار المصري
وعقد الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء، مساء الخميس 23 نوفمبر 2023 اجتماعًا؛ لاستعراض مبادرة مُقترحة؛ لبيع الوحدات العقارية بـ الدولار، وذلك بموجب مجموعة من المُحفزات بالتعاون بين الحكومة ومطوري القطاع الخاص.
وجرى ذلك في حضور الدكتور عاصم الجزار، وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية، وأحمد كجوك، نائب وزير المالية للسياسات المالية، ورامي أبو النجا، نائب محافظ البنك المركزي، والدكتور وليد عباس، نائب رئيس هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة، والمشرف على مكتب وزير الإسكان، ومي عبدالحميد، الرئيس التنفيذي لصندوق الإسكان الاجتماعي ودعم التمويل العقاري، وأيمن صبري، رئيس مجلس إدارة شركة أصول، وشيرين الشرقاوي، مساعد أول وزير المالية، ومسئولي الجهات المعنية.
وأشار رئيس الوزراء إلى أن هذا الاجتماع يأتي في إطار المتابعة الدورية لملف تصدير العقار، حيث شهدت الفترة الماضية عقد سلسلة من الاجتماعات في هذا الصدد، مؤكدًا أن تصدير العقار يعد أحد المصادر المهمة للنقد الأجنبي.
وتم استعراض مبادرة مُقترحة لإتاحة الوحدات العقارية للبيع بالدولار سواء للمصريين بالخارج، أو الأجانب، وستشارك في هذه المبادرة الوحدات التابعة للمطورين العقاريين بالقطاع الخاص، على أن يتم طرح عدد من المحفزات تسهم في نجاح المبادرة.
كما تم التأكيد أن المبادرة من شأنها تحقيق طفرة كبيرة في أداء البورصة المصرية، وسرعة نمو مشروعات العاصمة الإدارية الجديدة ومثيلاتها من المدن الجديدة، وتقوية وتحفيز الطلب على العقارات المحلية، وتحقيق تدفق دولاري كبير، وكذا إحداث انتعاشة لأحد أهم القطاعات التنموية.
وتم التوافق خلال الاجتماع على بنود المبادرة، ووجه رئيس الوزراء بصياغتها تفصيلا، تمهيدا للإعلان عنها.
كما شهدت القاهرة الأسبوع الماضي، زيارة وفد سعودي رفيع المستوى برئاسة وزير التجارة ماجد عبد الله القصبي، فضلاً عن تنظيم منتدى الأعمال الخليجي المصري بمشاركة رجال أعمال سعوديين، بالإضافة للتحضير لتوقيع اتفاقية حماية للاستثمارات المتبادلة.
وأشار فايز الشعيلي نائب رئيس اتحاد الغرف السعودية، على هامش مشاركته في المنتدى الخليجي المصري، الأربعاء الماضي، إلى أن السوق المصرية ضخمة وواعدة، منوّها بوجود الكثير من الفرص المتاحة.
ضخ استثمارات جديدة
وفيما يخص القطاعات، لفت الشعيلي إلى وجود الكثير من القطاعات الجاذبة للمستثمرين السعوديين، على رأسها الطاقة المتجددة والصناعة والتعدين.
الاستثمارات السعودية المعلنة خلال الأيام الأخيرة تدعم هذا التوجه، إذ كشف تركي الحكير، الرئيس التنفيذي لشركة "فاس للاستثمار والتطوير العقاري"، التابعة لمجموعة فواز الحكير، عن ضخ استثمارات جديدة في مصر بقيمة 1.5 مليار دولار خلال 2024.
وأضاف الحكير، أن الاستثمارات الجديدة ستركز على قطاعات الطاقة والعقارات والبنية التحتية في مصر مفصحاً أن استثمارات المجموعة الحالية في مصر تبلغ 5 مليارات دولار.
من جانبه، أعلن رئيس مجموعة "اللامي القابضة" السعودية محمد طلعت اللامي استثمار 500 مليون دولار في مصر خلال العامين المقبلين.
وأضاف أن مجموعته، البالغ حجم استثماراتها في مصر 3 مليارات دولار، تعمل على افتتاح فندق جديد في شرم الشيخ خلال 2024 باستثمارات 50 مليون دولار، وبطاقة فندقية 500 غرفة.
وفي قطاع الأغذية، أعلن رئيس مجلس "الكريدا للتمور" عبدالرحمن محمد الكريدا، أن شركته تقترب من افتتاح أول مصنع لها في مصر على مساحة 10 آلاف متر مربع خلال الأسبوعين المقبلين، دون الكشف عن قيمة الاستثمار.
وأوضح أن الشركة تستهدف من مصنعها في مصر السوق المحلية في السنة الأولى، ومن ثم التصدير لمعظم أسواق العالم بنهاية عام 2024، كاشفاً أنه تمّ الانتهاء من اتفاقية الأراضي والتي تبلغ مساحتها نحو 800 فدان في منطقة الواحات غرب مصر، وذلك "بعد الحصول على تسهيلات كبيرة من وزارتي الاستثمار والتجارة" المصريتين