تحليل السكر
بعد تناول الإنسان الطعام، يرتفع مستوى سكر الغلوكوز في الدم لديه، ليصل الحد الأقصى له بعد مرور ساعة على تناوله، وفي الوضع الطبيعيّ يقوم البنكرياس بإفراز هرمون الإنسولين للسيطرة على مستوى سكر الغلوكوز في الدم، وذلك بالمساعدة على تحطيمه ليتم استخدامه من قبل خلايا الجسم للحصول على الطاقة أو ليتمّ تخزينه إلى حين حاجة الجسم له.
وفي الحقيقة يعتمد مستوى سكر الغلوكوز في الدم بعد تناول الوجبات على ثلاثة عوامل رئيسية، وتتمثل بحجم الوجبة المتناولة، ومحتواها، وقدرة الجسم على إفراز الإنسولين واستجابة الخلايا له، وإنّ قدرة الجسم على التعامل مع مستويات السكر بين وجبات الطعام والسيطرة عليه يعكسه فحص مستويات السكر الصوميّ، وعليه يمكن القول إنّ إجراء فحص السكر الصومي يدلّ على وجود اضطراب أو خلل في قدرة الجسم على التحكم في مستويات السكر في الدم.
فمثلاً في حال ارتفاع قراءات السكر الصوميّ فإنّ ذلك يدل على معاناة المصاب من عدم إفراز كميات كافية من الإنسولين، أو معاناته من مشاكل على مستوى استجابة الخلايا للإنسولين المفرز، أو معاناته من المشكلتين في الوقت ذاته، وفي ظل هذا الكلام يجدر التنبيه إلى أنّ هذه الحالات قد تكون في مراحل ما قبل الإصابة بالسكري، وإمّا مصابة بالسكري.
وللسكري نوعان أساسيان؛ أمّا النوع الأول من السكري (Type 1 Diabetes) فيتمثل بمهاجمة الجسم للخلايا المنتجة للإنسولين، وبذلك لا يستطيع الجسم إفراز الإنسولين، وأمّا النوع الثاني لمرض السكري (Type 2 Diabetes) فيتمثل بعدم استجابة الخلايا للإنسولين المفرز على الوجه المطلوب ثمّ يمكن أن يتطور المرض إلى مرحلة عدم قدرة الجسم على إفراز ما يكفي من الإنسولين.
في الحقيقة يُطلق مصطلح تحليل السكر الصومي على أحد الفحوصات المستخدمة في قياس مستويات السكر في الدم والمعروفة بقياس السكر الصيامي (Fasting blood sugar)، ويُجرى هذا الفحص بعد صيام الشخص لما لا يقل عن ثماني ساعات، وفي الواقع يُفضل صيام الشخص المعنيّ لمدة 12 ساعة، ويُمنع الشخص المعنيّ في هذه الفترة من تناول الطعام بأشكاله، ويُسمح له بشرب الماء، ثمّ يتم تحليل النتائج بالاعتماد على حالة الشخص، وفيما يأتي بيان ذلك:
- في حال كانت نتيجة هذا الفحص دون 100 ملليغرام/ديسيلتر
فإنّ الجسم يُسيطر على مستويات السكر بشكلٍ فعال، ولا يُعاني المصاب من أية مشاكل على مستوى السكر في الدم.
- إذا كانت نتيجة الفحص تتراوح ما بين 100-125 ملليغرام/ديسيلتر
فإنّ الشخص يُوشك على الإصابة بمرض السكري، ومثل هذه الحالات تُعرف بمرحلة ما قبل السكري.
- إذا كانت قراءة هذا الفحص 126 ملليغرام/ديسيلتر فما فوق
فإنّ الشخص قد يكون مصاباً بالسكري، ويتمّ التشخيص بالاستناد إلى الأعراض التي تظهر على المصاب بالإضافة إلى قراءات الفحوصات الأخرى، وبصيغة أخرى يمكن القول إنّه في حال ظهرت أعراض وعلامات الإصابة بالسكر على الشخص وكانت قراءة الفحص 126 ملليغرام/ديسيلتر فأكثر فإنّ هذا كفيل بتشخيص المصاب بمرض السكري.
ولكن في حال غياب أعراض المرض، فإنّه يُطلب إعادة الفحص للتأكد من النتيجة أو إجراء فحص آخر من الفحوصات التي تُستخدم للكشف عن مستويات السكر في الدم، ويجدر بالذكر أنّ المدة الزمنية الفاصلة بين الفحص الأول والثاني يجب أن تكون بما يُقارب أسبوعين، وخلال هذه الفترة يُنصح المعنيّ باتباع نمط حياة صحيّ يساعد على تقليل مستويات السكر في الدم أو السيطرة عليها بشكل عام.
غالباً ما يُفضل إجراء فحص السكر الصومي في الصباح الباكر، وذلك حتى لا يضطر الشخص للصيام لثماني ساعات خلال النهار، وفي الحقيقة تُعدّ تحاليل السكر الصوميّ دقيقة للغاية، وسهلة التطبيق، وهذا ما جعل استخدامها شائعاً للغاية، وقبل إجراء الفحص، يجدر بالشخص إخبار الطبيب المختص عن الحالات التي قد تتسبب بحدوث ارتفاع مؤقت في مستويات السكر في الدم، مثل حالات الخضوع للجراحة والتعرّض للحوادث والضربات، وكذلك المرور بمراحل من التوتر والضغط النفسيّ، بالإضافة إلى الإصابة بالنوبات القلبية (Heart Attacks) أو السكتات الدماغية (Stroke).
ويجدر التنبيه إلى ضرورة إخبار الطبيب عن الأدوية التي يتناولها المصاب، وذلك لاحتمالية تأثيرها في مستويات السكر في الدم، بما في ذلك الأدوية التي تُباع دون وصفة طبية (Over The Counter Medications)، والأدوية التي يصرفها الطبيب، والأعشاب الطبية، وإنّ إخبار الطبيب بهذه الأدوية قبل إجراء الفحص أمر لا بُدّ منه للسماح للطبيب باتخاذ القرار المناسب فيما يتعلق بإرشاد المصاب للتوقف عن تناول بعض الأدوية لفترة من الزمن أو تغيير جرعتها.
ومن هذه الأدوية التي تؤثر في مستويات السكر في الدم: الستيرويدات (Steroids)، وحبوب منع الحمل (Birth Control Pills)، ومُدرّات البول (Diuretics)، ومضادات الاكتئاب ثلاثية الحلقات (Tricyclic antidepressant)، ومثبطات أكسيداز أحادي الأمين (Monoamine oxidase inhibitors)، ومضادات الذهان غير النمطية (Atypical antipsychotic)، وفنيتويين (Phenytoin)، وسلفونيليوريا (Sulfonylurea)، وإبينيفرين (Epinephrine)، والليثيوم (Lithium).
يُجرى تحليل السكر الصومي بإحدى طريقتين، أمّا الأولى فتتمثل بسحب عينة دم من المصاب عن طريق الوريد، ثمّ أخذها إلى المختبر المتخصص ليتمّ تحليلها ومعرفة مستويات السكر في الدم، وأمّا الطريقة الثانية فتتمّ بأخذ عينة دم من أصبع اليد ووضع الشرحية في الجهاز المخصص لهذا الغرض.