تمثل قضية سد النهضة أهمية كبيرى لمصر، والتي تتمسك دائما بضرورة وجود حل مرضي لجميع الأطراف، حيث شهدت الفترة الماضية عودة للحديث حول اتفاق ما بين مصر وإثيوبيا وذلك خلال زيارة رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، للقاهرة يوليو الماضي؛ لحضور قمة دول جوار السودان التي دعت إليها مصر.
قضية سد النهضة
وحول تطورات عملية الملء والتخزين لبحيرة السد والتي كان سببا في توقف المفاوضات بين دولتي المصب (مصر والسودان) من جهة، وإثيوبيا من جهة أخرى، قال أستاذ الموارد المائية والجيولوجيا بجامعة القاهرة الدكتور عباس شراقي، إن "إثيوبيا تحجز هذا العام 25 مليار متر مكعب مياه، أي ما يعادل 45% من حصة مصر المائية"، مشيرا أن "المياه تحجز في تلك الفترة، وجزء منها يأتي لمصر في الأشهر المقبلة، طالما هناك بوابتي تصريف مفتوحتان".
وأوضح شراقي، خلال تصريحات تليفزونية، السبت، أن سبب عدم حدوث فيضان في عيد وفاء النيل، الموافق يوم 15 أغسطس، هذا العام، مشيرا أن آخر فترة جفاف مرت بها مصر، كانت خلال الفترة ما بين عام 1981 وحتى 1987.
وتابع: لم تمر مصر بسنوات جفاف منذ عام 1988، موضحا أن مياه نهر النيل تأتي بنسبة 85% من إثيوبيا، و15% من بحيرة فيكتوريا، مشيرا أن إثيوبيا تشهد أمطارا خلال شهور الصيف؛ يوليو وأغسطس وسبتمبر، ثم تستغرق 3 أسابيع حتى وصولها إلى مصر، قائلا إن "الأمر أدى إلى بداية العام المائي في مصر بداية شهر 8".
وأردف شراقي: "المصريون قبل بناء السد العالي، كانوا ينتظرون تلك المياه لأنها مصدر الخير للبلاد"، مشيرا أن "الأمر دفعهم للاحتفال بعيد وفاء النيل، يوم 15 أغسطس من كل عام".
وأوضح أستاذ الموارد المائية والري، "السد العالي جعل أيام مصر كلها أعياد؛ لأن المياه تخرج يوميا منه"، مضيفًا: "هذا العام سد النهضة يحجز المياه منذ شهر يوليو حتى اليوم، ومتوقع استمراره في الملء الرابع حتى شهر سبتمبر، ومن هنا جاء يوم 15 أغسطس بدون فيضان لمصر".
من جانبه جرى تحريك المياه الراكدة في ملف المفاوضات بين الدول الثلاث (مصر - السودان - إثيوبيا) والمتوقف منذ سنوات بسبب تعنت الجانب الإثيوبي وتمسكه باتخاذ قرارات أحادية الجانب تضر بدولتي المصب، عندما استقبل الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس وزراء جمهورية إثيوبيا آبي أحمد، وذلك بقصر الاتحادية في 13 يوليو الماضي على هامش مشاركته في مؤتمر قمة دول جوار السودان.
وجدد الزعيمان تأكيد إرادتهما السياسية المتبادلة لتعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين، سياسياً واقتصادياً وثقافياً، انطلاقاً من الرغبة المشتركة في تحقيق مصالحهما المشتركة وازدهار الشعبين الشقيقين، بما يسهم أيضاً بشكل فعال في تحقيق الاستقرار والسلام والأمن في المنطقة، وقدرة الدولتين على التعامل مع التحديات المشتركة.
وناقش الزعيمان سبل تجاوز الجمود الحالي في مفاوضات سد النهضة الإثيوبي، واتفقا على الشروع في مفاوضات عاجلة للانتهاء من الاتفاق بين مصر وإثيوبيا والسودان لملء سد النهضة وقواعد تشغيله، واتفقا على بذل جميع الجهود الضرورية للانتهاء منه خلال أربعة أشهر.
وحول المقرر خلال فترة هذه المفاوضات، أكدت إثيوبيا التزامها أثناء ملء السد خلال العام الهيدرولوجي 2023 - 2024، بعدم إلحاق ضرر ذي شأن بمصر والسودان، بما يوفر الاحتياجات المائية لكلا البلدين.
فيما أعلنت وزارة الخارجية الأمريكي، أن المبعوث الخاص للقرن الأفريقي مايك هامر، سافر في الفترة من 19 إلى 26 أغسطس، إلى السويد وبلجيكا.
وأوضحت الوزارة - في بيان تلقت "حياة واشنطن" نسخة منه - أن هامر سيشارك في أسبوع المياه العالمي الذي يستضيفه معهد ستوكهولم الدولي للمياه، كما يشارك في نقاش مائدة مستديرة يستضيفه معهد ستوكهولم الدولي للبحوث والسلام.
أضرار الملء الثالث
وبصفته المحاور الرئيسي للولايات المتحدة بشأن القضايا المتعلقة بسد النهضة الإثيوبي سيناقش السفير هامر كيف يمكن للاتفاقيات المتعلقة بإدارة المياه واستخدامها والوصول إليها أن تساهم في الأمن والاستقرار في منطقة القرن الأفريقي.
وستتأثر إثيوببا بأضرار التخزين الثالث من الناحية الاقتصادية والتي تتمثل في غرق مزيد من الأراضي الزراعية وبعض المناطق التعدينية، وعدم القدرة على توزيع الكهرباء عن طريق مصر لآسيا وأوروبا نتيجة التوتر وعدم الاتفاق.
وهناك مجموعة من الأضرار المترتبة على الملء الثالث لسد النهضة، كشف عنها عباس شراقي، من بينها أضرار سياسية والتي تتمثل في استمرار إثيوبيا لفرض سياسة الأمر الواقع باتخاذ قرارات أحادية وخرقها للمرة الرابعة للاتفاقيات الموقعة بين مصر وإثيوبيا (اتفاقيات 1891، 1902، 1906، 1925، 1993) والأعراف الدولية، وإعلان مبادئ سد النهضة 2015، وتوصيات القمم المصغرة للاتحاد الأفريقي، وأخيرًا الاعلان الرئاسى لمجلس الأمن سبتمبر 2021، بعد التخزين الأول (1-21 يوليو 2020)، والثاني (4-18 يوليو 2021)، وتشغيل التوربين رقم 10 في 20 فبراير 2022.
وأكد شراقي، أن أثيوبيا قد تستمر بنفس الأسلوب عند إنشاء سدود أخرى، مما يخلق مزيد من التوتر بالعلاقات بين مصر والسودان من جهة وإثيوبيا من جهة أخرى، مشيرًا إلى أن الطريقة الإثيوبية قد تشجع دول منابع أخرى في اتباع نفس الأسلوب عند إنشاء سدود على روافد نهر النيل.
ولفت شراقي إلى أن الملء الثالث من سد النهضة تسبب في تهجير مزيد من سكان بني شنقول، والذي سيتجه بعضهم إلى السودان الذى يعانى مثل كثير من الدول من ظروف اقتصادية صعبة خاصة بعد ثورة ديسمبر 2018، واختلاف نمط حياة بعض المزارعين السودانيين الذى تعودوا على الزراعة الفيضية البسيطة غير المكلفة من فيضان النيل الأزرق على الجانبين فى الأراضى المنخفضة والمنبسطة بمساحات كبيرة، وتبقى هذه الأراضي مغمورة بالمياه فتتشبع بالرطوبة اللازمة لإنتاج المحاصيل الزراعية، ولمزيد من المياه يتم غلق مداخلها لتبقى بالمنخفضات أطول فترة ممكنة لزيادة تشبع التربة.
وأشار شراقي إلى وجود مجموعة من الأضرار البيئية من بينها:
- زيادة الفاقد من البخر مع اتساع سطح البحيرة، وكذلك التسرب فى الصخور المحيطة لخزان السد من خلال التشققات والفراغات.
- زيادة الحمل الناتج من وزن السدين الرئيسى والمكمل (اجمالى 75 مليون طن) والمياه والطمي على الأرض المتشققة، مما يزيد من استعدادها لحدوث الزلازل بجانب نشاط الأخدود الأفريقى العظيم الذى يعتبر أكبر فالق على يابس الكرة الأرضية، ويشكل أنشط المناطق الزلزالية والبركانية في إفريقيا.
- تحلل الأشجار الغارقة فى مياه البحيرة وتأثيرها على نوعية المياه.
- إحداث تغير في التنوع البيولوجي للمنطقة.
- غرق بعض المناطق التعدينية وانتقال بعض العناصر الثقيلة مثل الرصاص والنحاس واليورانيوم والمنجنيز فى المياه.
- تغير محلى فى المناخ لاقليم بني شنقول من حيث درجة الحرارة والأمطار.