قررت لجنة السياسة النقديـة لـ البنك المركــزي المصـري في اجتماعهـا يــوم الخميس الموافـــق 2 نوفمبر 2023 الإبقاء على سعري عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة وسعر العملية الرئيسية للبنك المركزي عند مستوي 19.25% و20.25% و19.75% على الترتيب كما تم الإبقاء على سعر الائتمان والخصم عند مستوي 19.75%.
تثبيت سعر الفائدة
وأشار القرار إلى التطورات الاقتصادية العالمية شهدت استمرار توقعات الأسعار العالمية للسلع وخاصة أسعار الطاقة في الارتفاع مقارنةً بالتوقعات التي تم عرضها على لجنة السياسة النقدية خلال اجتماعها السابق. وقد جاء ذلك نتيجة ارتفاع التوترات الجيوسياسية في المنطقة.
ولفت القرار: ومع ذلك انخفضت الضغوط التضخمية العالمية مؤخراً نتيجة سياسات التقييد النقدي التي تم اتباعها في العديد من الاقتصادات الرئيسية، بالإضافة الى الأثر الإيجابي لسنة الأساس، حيث تراجعت توقعات معدلات التضخم لتلك الدول على الرغم من استمرارها عند مستويات تفوق المعدلات المستهدفة.
وأوضح القرار سياسات التقييد النقدي بالإضافة الى ارتفاع درجة عدم اليقين نتيجة التوترات الجيوسياسية مؤخراً ساهمت في خفض توقعات النمو الاقتصادي العالمي مقارنةً بما تم عرضه على لجنة السياسة النقدية في اجتماعها السابق.
من جهته قال الخبير الاقتصادي الدكتور أحمد معطي، إن الضغوط التضخمية بدأت تتراجع عالميا، وأن البنوك المركزية ترى أن معدلات التضخم أخذت في الاستقرار؛ لذا قررت تثبيت أسعار الفائدة ورأينا هذا في قرار الفيدرالي الأميركي الأربعاء، معقبا: "رأت لجنة السياسات المركزية أنه من المرجح أن تقل هذه الضغوط في مصر فأبقت على أسعار الفائدة".
وأوضح معطي في تصريحات لـ"صدى البلد"، أن البنك المركزي أكد أنه يتحرك وفقا لحالة التضخم المتوقع وليس القائم حاليا، معقبا: "لو كان هناك رفع للفائدة فهذا كان معناه أن معدلات التضخم المتوقعة ستزيد عن السائد، لكن قرار الإبقاء على الفائدة يعني أنه معدلات التضخم ستنخفض".
وحول موقف الدولار عقب قرار البك المركزي، قال معطي، إن القرار لا علاقة له بأسعار الدولار غير أنه قد يؤثر على السوق السوداء بمعنى "يعتقد البعض أنه لا تعويم قريبا أو تحرير لـ سعر صرف الجنيه"، مشددا على أن المركزي يهدف من تثبيت سعر الفائدة دعم الاستثمار الخارجي وجذب مزيد من الاستثمارات ولخفض عجز الموازنة العامة للدولة؛ فرقع "الفائدة يعني رفع الأعباء".
وحول طرح البنوك شهادات ادخار جديدة، توقع معطي أن تبقي البنوك على عوائد الشهادات كما هي، قائلا: "سبق وتوقعنا رفع العوائد على الشهادات من قبل بعض البنوك وهذا لم يحدث بل حدث العكس".
وقال القرار: على الصعيد المحلي، ظل معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي دون تغيير مسجلاً 3.9% خلال الربع الأول من عام 2023 مقارنةً بالربع الرابع من عام 2022. وتشير البيانات التفصيلية للربع الأول من عام 2023 إلى أن النشاط الاقتصادي جاء مدفوعاً بالمساهمة الموجبة للاستهلاك وصافي الصادرات.
وجدير بالذكر أن صافي الصادرات كانت الداعم الرئيسي للنمو منذ الربع الأول من 2022 في المتوسط، الأمر الذي جاء متماشياً مع تطورات سعر الصرف، كما أنه من المتوقع أن يتباطأ معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي خلال العام المالي 2022 /2023 مقارنةً بالعام المالي السابق له والذي سجل 6.7%.
معدل السنوي للتضخم
وتشير المؤشرات الأولية للربع الثالث من 2023 إلى استقرار عام في النشاط الاقتصادي مقارنة بالربع الثاني من 2023. وفيما يتعلق بسوق العمل، انخفض معدل البطالة إلى 7.0% خلال الربع الثاني من عام 2023 مقارنةً بمعدل بلغ 7.1% خلال الربع السابق له، ويرجع ذلك بشكل أساسي إلى زيادة أعداد المشتغلين بوتيرة أسرع من ارتفاع قوة العمل.
وتماشياً مع التوقعات، استمر المعدل السنوي للتضخم العام في الحضر في اتجاهه التصاعدي ليسجل 38.0% في سبتمبر 2023 مدفوعاً بارتفاع تضخم السلع الغذائية بالتزامن مع تباطؤ تضخم السلع غير الغذائية.
وجاء الارتفاع في المعدل السنوي لتضخم السلع الغذائية للشهر الثالث على التوالي، مدفوعاً باستمرار ارتفاع أسعار الخضروات والفاكهة الطازجة على عكس الشهور السابقة، والتي تأثرت بارتفاع أسعار السلع الغذائية الأساسية.
وقد عكست التغيرات الشهرية لكل من الثلاثة شهور السابقة والمنتهية في سبتمبر 2023 أثر الظروف المناخية غير المواتية التي ساهمت في زيادة مقدار الارتفاع الموسمي لأسعار المنتجات الزراعية.
ومن ناحية أخرى، شهد المعدل السنوي للتضخم الأساسي تباطؤاً للشهر الثالث على التوالي ليسجل 39.7% في سبتمبر 2023، مقارنة بـ 40.4% في أغسطس 2023.
وفي ضوء ما سبق، قررت لجنة السياسة النقدية الإبقاء على أسعار العائد الأساسية لدى البنك المركزي دون تغيير، فيما ستواصل اللجنة تقييم أثر السياسة النقدية التقييدية التي تم اتخاذها وتأثيرها على الاقتصاد وفقاً للبيانات الواردة خلال الفترة القادمة.
وتؤكد اللجنة على أن مسار أسعار العائد الأساسية يعتمد على معدلات التضخم المتوقعة وليس معدلات التضخم السائدة، كما تشير إلى استمرارها في متابعة التطورات الاقتصادية وكذا المخاطر المحيطة بتوقعات التضخم.
ولن تتردد اللجنة في استخدام جميع أدوات السياسة النقدية المتاحة للحفاظ على الأوضاع النقدية التقييدية بهدف تحقيق معدلات التضخم المستهدفة والبالغة 7% (± 2 نقطة مئوية) في المتوسط خلال الربع الرابع من عام 2024 و5% (± 2 نقطة مئوية) في المتوسط خلال الربع الرابع من عام 2026.
وكانت 5 من 8 بنوك استثمارية توقعت أن يتجه البنك المركزي، خلال اجتماعه السابع لعام 2023 اليوم الخميس، إلى الإبقاء على أسعار الفائدة دون تغيير، رغم استمرار ارتفاع معدلات التضخم، وعدم لجوئه إلى هذه الخطوة.
وكان المركزي المصري رفع سعر الفائدة بنحو 100 نقطة أساس إلى 19.25% خلال أغسطس الماضي، ليصل بذلك إجمالي الزيادة في أسعار الفائدة إلى 1100 نقطة منذ مارس 2022 عندما قام البنك بتحريك سعر الجنيه المصري.
محمد أبو باشا، كبير الاقتصاديين في "إي إف جي القابضة"، توقع أن يثبت المركزي المصري أسعار الفائدة بسبب "عدم تغيّر كثير من المؤشرات الاقتصادية، فأرقام التضخم شبه مستقرة" بحسب تصريحات لـ"الشرق"، فيما رأت "الأهلي فاروس" أن أسعار الفائدة ستبقى بدون تغيير.