تستعد الهيئة الوطنية للانتخابات لإعلان نتيجة التصويت في المرحلة الأولى من الانتخابات الرئاسية 2024، التي تنافس فيها 4 مترشحين أبرزهم الرئيس عبد الفتاح السيسي لتولي منصب رئيس الجمهورية لمدة 6 سنوات تنتهي في 2030.
وينظر المصريون للفائز في الانتخابات الرئاسية وهم يبحثون عن حلول للأزمات الاقتصادية التي تحاصرهم وتزيد من أعباءهم وترهق جيبوبهم في ظل ارتفاع كبير للأسعار فشلت الحكومة في التعامل معه وسط غياب لافت للأجهزة الرقابة وتطبيق القانون بحزم على التجار وداخل الأسواق ما جعل المواطنين عرضة للاستغال واستنزاف مدخراتهم.
إصدار حزمة قرارات جديدة
ويترقب المصريون الفترة الرئاسية المقبلة بعد إعلان الفائز في الانتخابات الرئاسية وهم يمنون النفس بحدوث انفراجة اقتصادية تحد من الارتفاع الكبير لمعدلات التضخم وتساهم في زيادة النقد الأجنبي (الدولار) وتحسن وضع الجنيه المصري، "نقص العملة الصعبة أثر بشكل سلبي على كثير من أصحاب الصناعات التي يتم استيراد المواد الخام لها من الخارج".
ويمنى المصريون النفس بأن يختار رئيس البلاد القادم حكومة اقتصادية تستطيع أن تطرح حلولا لمشاكل الدولة (الغالبية منها مستوردة نتيجة الصراعات والتوترات الجيوسياسية التي يعيشها العالم)، ويمكنها التعامل مع حالة الانفتاح التي تعيشها مصر حاليا وانغماسها في أكثر من تكتل اقتصادي إقليمي وعالمي.
وأكد البرلماني والكاتب الصحفي مصطفى بكري، أن الحكومة قد تتقدم باستقالتها لرئيس الجمهورية بعد أدائه اليمين الدستورية، متوقعا أن "يتم تشكيل حكومة جديدة".
وقال مصطفى بكري، خلال تقديمه برنامج “حقائق وأسرار”، عبر فضائية “صدى البلد”، أإه أتوقع أن يتولى الدكتور مصطفى مدبولي منصبا هاما بعد إستقالة الحكومة، مؤكدا أن رئيس الوزراء القادم سيكون شخصية وطنية ويحظى بالثقة والكفاءة.
وقال رئيس المجلس الاعلى لتنظيم الإعلام، الكاتب الصحفي كرم جبر، إن مصر قبل 2014 كان بها أزمات في كل شيء، من سكر ومياه وألبان الأطفال والأدوية، ولكن استطاعت الدولة التعامل مع هذه الأزمات والتصدي لها، قبل كورونا والحرب الروسية الأوكرانية، مضيفًا أن "الدولة استطاعت أن تتعامل مع الملف الاقتصادي بجانب الوضع في غزة".
وأوضح جبر، أن هناك حالة انفلات في الأسواق وفي الأسعار، حتى أصبح الغلاء هم كل بيت، معقبا: "أعتقد أن الفترة الجاية ابتداء من يوم الثلاثاء حيث اليوم الثاني لإعلان النتيجة، سوف تتخذ الدولة مجموعة وحزمة من الإجراءات لضبط هذا الملف"، مضيفًا أن هذا "الأمر سيكون بشكل عاجل حتى لو تأخر تشكيل الحكومة، خاصة ونحن على مشارف شهر رمضان ولذلك لن تستطيع أن تقول للمواطنين أن تشد الحزام".
وأشار جبر إلى أن رئيس الجمهورية تحدث في الكثير من اللقاءات عن تداعيات الإصلاح الاقتصادي ووجه الشكر للمواطن على صبره، موضحًا أن القطاع الخاص يجب أن يكون على مستوى التحديات في الفترة المقبلة.
وأكد أن الدولة تدخلت بمشروعات كبيرة حتى لا يتم نهب المواطنين، مضيفًا أن هناك "مطالبات بتخفيض الجمارك للقطاع الخاص والعمل على حل مشاكلة ليكون مشاركًا لمشاكل الناس وآلامهم".
وقال إن الملف الاقتصادي سينال أهمية من الدولة في الفترة القادمة في أعقاب الانتخابات، مشيرا: "مش هيسيب الناس نهباً للجشع والطمع"، مضيفًا أن "ذلك الأمر سيكون ردًا لجميل المصريين الذين خرجوا في الانتخابات بصورة جميلة ومشرفة واصطفوا خلف الدولة والرئيس".
ما بعد الانتخابات الرئاسية
ويتفاءل عدد من المحللين بشأن الوضع الاقتصادي في مصر خاصة بعد إعلان الفائز في الانتخابات الرئاسية، مؤكدين أن الربع الأول من العام القادم قد يشهد انفراجة اقتصادية، في ظل عديد من المؤشرات المختلفة والثمار المُنتظر حصادها، بما في ذلك انضمام مصر لمجموعة بريكس، وتفعيل اتفاقية مبادلة العملات مع الإمارات، وغيرها من الأمور التي تشكل دفعة على المدى القصير.
هذا بجانب الاستراتيجيات التي تتبعها الدولة المصرية للإصلاح الاقتصادي والوصول إلى الاكتفاء الذاتي وتعظيم المنتج المحلي لتخفيف الضغط على الدولار وجذب استثمارات جديدة، وجميعها ضمن العوامل التي تُبشر بانفراجات أوسع على المديين المتوسط والطويل.
وتظل مجموعة من العقبات سائدة وتفرض نفسها على المشهد، سواء داخلية في ظل الضغوط التي تواجهها المالية العامة وارتفاع معدلات التضخم، وكذلك الخارجية المرتبطة بالعوامل الجيوسياسية وتأثيراتها على المشهد المحلي، وغيرها من الأمور.
وقال الباحث المصري في العلاقات الدولية والاقتصاد السياسي، أبو بكر الديب، إن الرئيس الجديد، تنتظره ملفات اقتصادية عدة، أهمها تحسين وضع الجنيه، وحمايته من التعويم، وسداد مستحقات مصر خلال السنوات المقبلة بانتظام، والتفاوض مع صندوق النقد الدولي لاستكمال برنامج الإصلاح، وتوطين الصناعة، وزيادة الصادرات، ودعم القطاعات الانتاجية والسياحة، وجذب الاستثمار، ومواجهة التضخم، وارتفاع الأسعار، وتحقيق الأمن الغذائي.
وأضاف الديب - في تصريحات لـ"صدى البلد"، أنه توجد حالة من التفاؤل بين المستثمرين بشأن برنامج الإصلاحات الاقتصادية، وسط توقعات أن يشهد النشاط الاقتصادي في مصر انتعاشة خلال الـ 5 سنوات المقبلة، مدعوما بزيادة الاستثمارات الأجنبية المباشرة، وتعافى قطاع السياحة وارتفاع إنتاج الغاز والبترول، وتعديلات قوانين الاستثمار والتراخيص الصناعية، والتأمين الصحي الشامل، وضريبة الدخل، وقانون ضريبة القيمة المضافة، وطرح شركات القطاع العام في البورصة.
وتابع: على الحكومة تنظيم وضع سعر الصرف المرن الذي له فائدة إيجابية في تحسين فرص المنافسة الخارجية لمصر، وتدعيم قطاعي السياحة والصادرات، وجذب فرص أكبر من الاستثمار الأجنبي، وإعادة بناء احتياطيات البنك المركزي من الدولار، وخفض معدلات التضخم والوصول به إلى أدنى المستويات، وحماية الفئات الأقل دخلا بعد فرض ضريبة القيمة المضافة والتي ستعفي سلع غذائية أساسية من الضرائب.
كما طالب الباحث بضرورة التوجه إلى المشروعات كثيفة العمالة بدلا من المشروعات كثيفة الاستخدام في الطاقة، وذلك توفيرا لتلك الطاقة الغير موزعة كما ينبغي، حيث يمكن أن يستفيد منها غير الفقراء، واستخدامها في قطاعات مثل: التعليم والصحة والبحث العلمي وخطط الحماية الاجتماعية وزيادة نسبة الأموال المخصصة لدعم كبار السن والأسر الأشد احتياجا والفقراء بنسبة 1% من إجمالي الناتج المحلي
وشدد الديب على ضرورة دعم الرعاية المجتمعية لأطفال المدارس عن طريق زيادة الوجبات المدرسية وزيادة الدعم على ألبان الأطفال، وتوجيه دعم خاص لتدريب الشباب، كذلك الإسراع في إصدار إجراءات إصلاحية ضخمة خاصة بتصاريح المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وخلق عدد أكبر من فرص العمل، وتقليل نسبة البطالة بين النساء، وتوفير عدد أكبر من دور الحضانة، واستغلال العدد الكبير من الشباب الممتلئ بالحماس والنشاط لتقديم أفضل ما عنده لبلده، فمصر سوق هائل وموقع جغرافي متميز يمكنه أن يحقق كل الطموحات المرجوة.
أسباب الأزمة الاقتصادية
وسبق أن تحدث الرئيس عبد الفتاح السيسي، عن الأوضاع الاقتصادية في مصر والأزمة الحالية في لقاء مع طلبة الأكاديمية العسكرية خلال جولة تفقدية، مؤكدا أن القرارات التي اتخذتها الدولة المصرية لم "تكن السبب في هذه الأزمة".
وقال الرئيس السيسي: "مهم إن أنا أطمأنكم على حالنا، أننا لن نتوقف أبدا عن العمل، فنحن في عمل مستمر على كل شبر من أراضي مصر، والأزمة اللي كل الناس مُتحسبة وقلقانة منها، عدت علينا أزمات كثيرة جدا في مصر وتغلبنا عليها بالجهد والمثابرة، والأزمة الحالية التي نعاني منها، لم نكن السبب فيها"، مشيرا إلى "فيروس كوفيد- 19، والأزمة الروسية- الأوكرانية وتأثيرهما على الأسعار".
وأضاف السيسي: "إحنا بنقول رغم الأزمة الكبيرة دي ورغم ارتفاع أسعار السلع الأساسية، حتى مع الجهد الذي نبذله، فخلال شهور قليل هنكون حاطين على خريطة مصر حجم ضخم جدا من الأراضي الزراعية في الدلتا الجديدة، وفي توشكى وشرق العوينات وسيناء، وهي أكثر من 3 ملايين فدان، مع الريف المصري، وهو عمل وجهد وحجم أراضي غير مسبوق في فترة زمنية ليست كبيرة جدا".
وتابع: "هل مع دا هنكون محتاجين نستورد زيت الطعام والقمح والذرة بكميات كبيرة؟ ورد قائلا: (نعم)، لأننا نستهلك حوالي 20 مليون طن من القمح في السنة الواحدة، ونستورد منه كميات كبيرة قد تصل لنصف استهلاكنا، وهو ما يفسر زيادة الأسعار علينا، كما نستورد أكثر من 90% من احتياجاتنا من زيت الطعام، وهو ما يتطلب توفير كميات كبيرة من العملة الحرة (الدولار)، ونبيعه للناس بالجنيه المصري".
وأوضح أن "الظروف التي تمر بالعالم وبنا وإحنا متأثرين بها، ولكننا غير متوقفين، كما لا توجد هناك أزمة في تلك المواد الغذائية، لأننا مستعدين دائما أن يكون لدينا احتياطي يكفي ما بين 5-6 أشهر من كل تلك السلع بالكامل لمجابهة أي ظرف".