لاشك أن ما يطرح سؤال هل الجماع بالعشر الأواخر من رمضان حرام ؟ هو عظم فضل وأهمية هذه الأيام ، والتي أخفيت فيها ليلة القدر وهي خير من ألف شهر بنفحاتها وخيراتها وفضلها ، فإذا كنا قد فرطنا فيما مضى من رمضان أو لم نفرط فاغتنام هذه العشر من رمضان هو غنيمة لا يمكن تضيعها بأي حال من الأحوال، وهو ما يطرح السؤال عن هل الجماع بالعشر الأواخر من رمضان حرام ؟، حيث انقضت أول ليلة ويوم من هذه العشر المباركة وها نحن الآن نشهد الليلة الثانية فيها، لذا ينبغي الانتباه والسهي لاغتنامها ، ومن ثم الحذر من كل فعل أو ذنب قد يضيعها ، من هنا ينبغي للأزواج الوقوف عند مسألة هل الجماع بالعشر الأواخر من رمضان حرام ؟، ففضلها عظيم لا يفوته عاقل وقد أوصى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- باغتنامه ، ولنا فيه أسوة حسنة حيث كان -صلى الله عليه وسلم يجتهد أكثر في العشر الأواخر من رمضان ، فهي عشر العتق من النيرات ، بما يطرح السؤال عن هل الجماع بالعشر الأواخر من رمضان حرام أو مكروه باعتباره وقت العبادة والاجتهاد في الطاعات خاصة وأنه قد يوافق ليلة القدر.
هل الجماع بالعشر الأواخر من رمضان
قال الدكتور إبراهيم شوقي علام ، مفتي الجمهورية، في مسألة هل الجماع بالعشر الأواخر من رمضان حرام؟، إن الفقهاء اتفقوا على أن جماع المرأة عمدًا يُفسد الاعتكاف ، الذي هو من عبادات العشر الأواخر من رمضان ، مشيرًا إلى أن المباشرة بالتقبيل واللمس لشهوة حرامٌ في حال الاعتكاف، لكنهم اختلفوا في المباشرة بالتقبيل واللمس؛ هل تفسد الاعتكاف أم لا؟ والجمهور على أنها تبطل الاعتكاف إذا اتصل بها إنزال، وإلا فلا.
وأضاف أنه إذا لم يكن اللمس لشهوة، ولم يُقصد بالتقبيل اللذة، فإنه لا يُفسد الاعتكافَ ولا حرمة فيه، إلا أن المالكية قالوا بأن التقبيل في الفم يُفسد الاعتكاف؛ سواء كان بشهوة أو بغيرها، فالمعتكف إن دخل بيته لحاجة وكان يأمن على نفسه من الإنزال عند تقبيل امرأته لوداع أو نحوه، فإنه يجوز له تقبيلها ولا يفسد اعتكافه، ولا إثم عليه في ذلك، ولكن الأَوْلى أن لا يقبِّل في الفم؛ خروجًا من خلاف من قال بأنه يُفسد الاعتكاف مطلقًا.
وورد أن السنة هى التفرغ للعبادة فى مثل هذه الأيام التى تأتى فيها ليلة القدر التى هى خير من ألف شهر، ومع ذلك فالجماع فى هذه الليالى ليس حراماً، فلا حرج على الرجل في إتيان أهله ليلاً في العشر الأواخر، لقول الله تعالى: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَآئِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ عَلِمَ اللّهُ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَخْتانُونَ أَنفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنكُمْ فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُواْ مَا كَتَبَ اللّهُ لَكُمْ وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّواْ الصِّيَامَ إِلَى الَّليْلِ وَلاَ تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ فَلاَ تَقْرَبُوهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ} [البقرة: 187]، ولا ينقص ذلك أجر صيامه أو قيامه، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يعتزل أهله في العشر الأواخر ويعتكف فيهن، فمن فعل ذلك اقتداء به فهو الأكمل، ومن لم يفعله فلا حرج عليه وفاته بعض الخير، وكان من الصحابة من يعتكف ومن لا يعتكف، ولم ينكر أحدهم على الآخر.
أعمال العشر الأواخر من رمضان 2024
وأوضح أن هناك ثلاث عبادات كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يحرص عليها في العشر الأواخر من رمضان، منوهًا بأن رسول الله-صلى الله عليه وسلم- كان إذا أقبل العشر الأواخر من رمضان أحيا الليل وأيقظ أهله وجد وشد المئزر".
وأكد أنه ينبغي علينا اغتنام العشر الأواخر من رمضان قبل فواتها، فهي فرصة ثمينة لنا ولأهلينا، لعلنا ندرك فيها رحمة من رحمات الله، أو نفحة من نفحاته سبحانه وتعالى فلا نشقى بعدها أبدًا، منوهًا بأن الاعتكاف من الطاعات المستحبة في العشر الأواخر من رمضان.
وأفاد بأن العشر الأواخر ينبغي أن تستثمر حتى يخرج من هذا الشهر الفضيل وقد كتبه الله سبحانه وتعالى من عتقائه من النار، مشددًا على أن هذه الأيام لها فضل عظيم لا يدركه إلا الصالحون، فالعشر الأواخر من شهر رمضان هي فرصة تمنح لمن لم يجد ويجتهد في الأيام الماضية من شهر رمضان، مشيرًا إلى أن الرسول –صلى الله عليه وسلم- كان إذا أقبل العشر الأواخر من شهر رمضان اجتهد وشد المئزر وأيقظ أهله، وهذا كناية عن أنه يجعل كل الاهتمام في العشر الأواخر لعبادة الله عز وجل، ولا يشغله شيء من أمور الحياة عن العشر الأواخر.
ودعا المسلمين لاغتنام هذه الفرصة في الثلث الأخير من هذا الشهر الفضيل، والإكثار من الصلوات والذكر وصلة الأرحام، والدعاء ونحن موقنون بالإجابة والصلاة على النبي، موضحًا أن العشر الأواخر فضلها عظيم؛ لكونها بها ليلة خيرًا من ألف شهر وهي ليلة القدر.
فضل العشر الأواخر من رمضان
تترتب العديد من الفضائل على العشر الاواخر من رمضان، أبرزها: تحصيل عظيم الخيرات، والحسنات، والأجور، وفي ذلك اقتداءٌ بالنبيّ -عليه الصلاة والسلام-، فقد وصفت السيدة عائشة -رضي الله عنها- حال النبي بالعشر الأواخر قائلةً: (كانَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إذَا دَخَلَ العَشْرُ شَدَّ مِئْزَرَهُ، وأَحْيَا لَيْلَهُ، وأَيْقَظَ أهْلَهُ)، كما رُوي عنه أنّه كان يجتهد في شهر رمضان بالعبادات والطاعات ما لا يجتهد في غيره من الشهور.
وثبتت سُنة الاعتكاف في ليلة القدر بالقرآن، والسنّة، والإجماع، وهي تُعد خيرًا من ألف شهرٍ، ولم يُروَ عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أنّه ترك الاعتكاف في العشر إلا إن كان خارجًا للجهاد في سبيل الله، وقد اعتكف الصحابة -رضي الله عنهم- معه، واعتكفوا بعده؛ اقتداءً به.