-

هل ينفد صبر القاهرة؟.. قصة أخطر بيان لمصر منذ

هل ينفد صبر القاهرة؟.. قصة أخطر بيان لمصر منذ
(اخر تعديل 2024-09-09 15:44:53 )

تقف مصر دائما بالمرصاد لمحاولات تصفية القضية الفلسطينية ومحو الهوية العربية عن الأراضي المحتلة بعد نكبة 1948 وقيام دولة الاحتلال، مؤكدة أن القضية الفلسطينية هي قضية العرب كلهم وقضية القضايا، والشعب الفلسطيني صامد على أرضه، وأن مساندته حق على الجميع.

وبرهنت الأحداث الأخيرة التي يشهدها قطاع غزة على خلفية عملية طوفان الأقصى، التي نفذتها الفصائل الفلسطينية قبل أسبوع من الآن، وتسببت في خسائر موجعة لدولة الاحتلال، على قوة الدور المصري في الدفاع عن حقوق الفلسطينيين، حيث رفضت القاهرة دعوات إسرائيل والغرب لتهجير أهالي القطاع وإبعادهم عن منازلهم وأراضيهم.

معبر رفح البري

عبور الرعايا الأجانب

ورفضت السلطات المصرية، اليوم السبت، السماح للرعايا الأجانب المتواجدين في قطاع غزة بالمرور من معبر رفح البري، بحسب ما علمت قناة القاهرة الإخبارية من مصادرها بقطاع غزة، حيث انتظر الرعايا الأجانب عدة ساعات أمام المعبر دون استجابة من قبل السلطات المصرية، ليغادروا من حيث أتوا، بحسب شهود عيان.

وقالت مصادر مصرية مطلعة لقناة القاهرة الإخبارية، إن الموقف المصري واضح وهو اشتراط تسهيل وصول وعبور المساعدات لقطاع غزة، إذ رفضت السلطات المصرية أن يكون المعبر مخصصًا لعبور الأجانب فقط.

يذكر أنه يتواجد ما بين 500 إلى 600 مواطن أمريكي معظمهم من أصول فلسطينية في قطاع غزة، والذين تواصلوا مع السلطات الأميركية للحصول على معلومات بشأن مغادرة القطاع، بحسب شبكة “سي إن إن”.

وجاء الموقف المصري استكمالا لما تقوم به القاهرة من دعم للأشقاء الفلسطينيين في ظل الصراع غير المتكافئ مع قوات الاحتلال الإسرائيلي، التي وجهت بقطاع المياه والكهرباء ودخول المساعدات الإنسانية عن سكان قطاع غزة.

ومن جهته، علق النائب طارق رضوان، رئيس لجنة حقوق الإنسان بالبرلمان، على رفض مصر خروج الرعايا الأجانب من غزة، واشتراطها إدخال المساعدات الإنسانية أولا.

وأكد رضوان فى بيان له، أن الازدواجية في المعايير الدولية في مجال حقوق الإنسان خاصة فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية- ودولة الكيان الإسرائيلي، تشير إلى وجود تناقضات أو تضارب في التعامل مع قضايا حقوق الإنسان بين الدول والمنظمات الدولية، ويعتبر هذا التناقض نتيجة لاختلاف الثقافات والقيم والمصالح الوطنية بين الدول.

وأوضح رئيس لجنة حقوق الإنسان بالبرلمان، أنه انطلاقا من تحديد المواقف الثابتة تجاه فلسطين وحقوق الشعوب؛ فإن مصر تنحاز للمواطنين العزل والأطفال والعجائز والأبرياء، فمصر دائما وأبدا لديها موقف ثابت ومتميز من القضية الفلسطينية وحقوق الإنسان، وتعتبر من الدول العربية التي تدعم بشدة حقوق الشعب الفلسطيني في إقامة دولتهم المستقلة وتحقيق العدالة الاجتماعية والسياسية لهم.

وأضاف: مصر تسعى للوساطة والتوسط في العديد من الجهود الدولية للتوصل إلى حل سلمي للنزاع الفلسطيني - الإسرائيلي. وتقوم الآن بالعديد من المبادرات والمشاركات في المفاوضات والتواصل مع الدول العربية والدولية لدعم حقوق الفلسطينيين ودعم التهدئة والوقوف علي حل سلمي.

واستطرد: مصر أيضًا تؤكد أهمية احترام حقوق الإنسان في القضية الفلسطينية وتدين أي انتهاكات تحدث ضد الفلسطينيين، وتسعى للعمل على تعزيز الوعي الدولي بحقوق الإنسان في المنطقة وتشجيع الالتزام بالقوانين الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان.

واختتم بيانه: فمن هذا المنطلق، أتى موقف مصر بشأن ربط عمل ممر آمن لخروج الرعايا الأمريكيين بدخول جسور مواد الإغاثة إلى غزه ومحاولة الوصول الي تهدئة ما بين الأطراف.

يذكر أن الآلاف من الفلسطينيين توجهوا منذ أمس إلى جنوب غزة؛ بعدما حذرهم جيش الاحتلال الإسرائيلي بضرورة إخلاء شمال القطاع، وعدم العودة، ما لم يبلغوا بذلك، وذلك بعدما ألقى، أمس الجمعة، منشورات باللغة العربية، في سماء غزة، تطالب السكان بإخلاء منازلهم في المدينة فورا، حيث أرفق الجيش المنشورات، برسم لخريطة غزة، عليها أسهم تشير إلى منطقة جنوب القطاع، وفق مراسلي وكالة "فرانس برس".

وجاء في المنشورات: "بيان عاجل.. إلى سكان مدينة غزة، المنظمات الإرهابية قد بدأت الحرب ضد دولة إسرائيل.. ومدينة غزة أصبحت ساحة معركة.. عليكم إخلاء بيوتكم فورا.. والتوجه إلى الجنوب؛ من أجل أمنكم وسلامتكم".

وأكد الرئيس الفلسطيني محمود عباس، الجمعة - خلال لقائه وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، رفضه الكامل لتهجير السكان من غزة، محذراً من نكبة ثانية، في إشارة إلى عام 1948، عندما شُرّد وطرد أكثر من 760 ألف فلسطيني خلال الحرب التي اندلعت إبان قيام دولة الاحتلال.

قوافل الإغاثة المصرية

قوافل الإغاثة المصرية

ومن جهتها، حذرت وزارة الخارجية، امس الجمعة، من مطالب جيش الاحتلال الإسرائيلي لسكانَ قطاع غزة وممثلي الأمم المتحدة والمنظمات الدولية في القطاع، بمغادرة منازلهم خلال 24 ساعة والتوجه جنوبًا.

وأكدت الخارجية في بيان، أن هذا الإجراء يعد مخالفة جسيمة لقواعد القانون الدولي الإنساني، وسوف يعرض حياة أكثر من مليون مواطن فلسطيني وأسرهم لمخاطر البقاء في العراء دون مأوى في مواجهة ظروف إنسانية وأمنية خطيرة وقاسية، فضلاً عن تكدس مئات الآلاف في مناطق غير مؤهلة لاستيعابها.

وطالبت مصر، الحكومة الإسرائيلية، بالامتناع عن القيام بمثل تلك الخطوات التصعيدية، لما سيكون لها من تبعات خطيرة على الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة.

وعلى ضوء ما هو مقرر من إحاطة الأمم المتحدة لمجلس الأمن بشأن هذا التطور الخطير، طالبت مصر مجلس الأمن بالاضطلاع بمسئوليته لوقف هذا الإجراء، داعية "الأطراف الفاعلة دوليًا إلى التدخل للحيلولة دون المزيد من التصعيد غير محسوب العواقب في قطاع غزة".

ومن جهته، قال الدكتور إكرام بدر الدين أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، إن إسرائيل تتجه الآن لتنفيذ مخططها بشأن تهجير النصف الشمالي من غزة ناحية الجنوب - أي ناحية الحدود المصرية -، وبالتالي السلطات المصرية أغلقت العبور من هذا المعبر، في ظل رغبتها الشديدة ومطالبتها المستمرة بفتح ممرات آمنة وطرق لوصول الإغاثات والمواد الغذائية والطبية لسكان قطاع غزة ، فبالتالي هذه قضية وتلك قضية أخرى.

وأضاف بدر الدين خلال تصريحات لـ"صدى البلد" أن ما تسعى إليه إسرائيل هو تهجير سكان غزة وهذا يعني أنهم ربما قد يتجهوا إلى دول مجاورة لهم وهذا غير مقبول من جانب مصر، ولكن مصر تسعى دوماً وهناك اتصالات كثيرة مع دول أخرى من أجل تقديم المعونات الإغاثية ومن أجل إيجاد والتوصل إلى هدنة يمكن من خلالها توصيل المستلزمات الطبية والغذائية، ولكن موقف مصر الآن هو موقف واضح وصريح ألا وهو عدم رغبتها في مرور احد من هذا المعبر في ظل ما يحدث في غزة.

وأشار إلى أن الرئيس السيسي، أعلن ذلك أيضاً خلال احتفال الكلية الحربية والكليات العسكرية وهو عدم السماح بالمساس بالأمن القومي المصري، مؤكداً أن ذلك يشير إلى أن الأمر ليس مرتبط بالفلسطينيين فقط، بل جميع الجنسيات وفقا للتطورات الدائرة الآن في غزة ولذلك مصر اتخذت هذا القرار.

فيما قال الدكتور طارق البرديسي خبير العلاقات الدولية، إن موقف مصر الذي اتخذته اليوم بمنع دخول رعايا الولايات المتحدة إلى مصر عبر معبر رفح؛ هو بمثابة حفاظ على الأمن القومي المصري، مشيراً إلى أن مصر لها السيادة الكاملة على أراضيها وهي حرة في تصرفاتها، كما أن السيادة الوطنية تحافظ على أمنها القومي وضد تصفية القضية الفلسطينية.

وأضاف البرديسي خلال تصريحات لـ"صدى البلد" أن مصر ترفض خروج أي رعايا أجانب من غزة، لأن ذلك بمثابة تصفية للقضية الفلسطينية، ومن المفترض أن يظل البعد الإنساني قائماً في إدخال المساعدات الإنسانية والدعم المادي واللوجيستي والمساعدات والمعاونات الطبية، وهذا بالفعل ما تحرص عليه الدولة المصرية وعلى أن تقدمه للأخوة الفلسطينيين، كما أنها حريصة على استقبال المعونات من الاشقاء العرب للأخوة الفلسطينيين وهذا هو الواجب الانساني والأخلاقي والسياسي.

ولفت البرديسي، إلى أن الرئيس السيسي، أكد أنه ضد تصفية القضية الفلسطينية، وأن موقف مصر واضح وثابت وأساسي، وفيما يخص رد الفعل الدولي المتوقع على ما يحدث في غزة فنحن بالطبع لا ننتظر شيئا من الولايات المتحدة والأوروبيين، لكننا نعول على دور دول أخرى صاعدة: مثل أيرلندا وأيسلندا والدول التي اعترضت على قرار المفوضية الأوروبية بقطع المساعدات عن السلطة الفلسطينية.

وتابع: "من الممكن أن يكون هناك رأي عام في هذه الدول للضغط على حكوماتها، كما أن هناك دول مثل روسيا والصين والبرازيل وجنوب إفريقيا والهند، ينظرون إلى فلسطين والفلسطينيين بأنهم "مظلومين"؛ نتيجة ما تعرضوا له تاريخيا، على عكس الرأي الموجود في أوروبا وأمريكا والمنحاز لإسرائيل".

وقال الرئيس السيسي، إن سعي مصر للسلام يحتم عليها عدم ترك الأشقاء في فلسطين، متابعا: "ينبغي إخراج المدنيين والنساء والأطفال من دائرة الانتقام الغاشم، والعودة للمفاوضات تجنبًا لحرائق تشتعل ستحرق الجميع".

وأضاف الرئيس خلال حفل تخرج الأكاديمية والكليات العسكرية: "مصر دائما وأبدا في صدارة الدفاع عن الأمة العربية، نحن في قلب التطورات شديدة الخطورة"، متابعا: "مصر مستعدة للوساطة بالتنسيق مع كل الأطراف".

وشدد الرئيس على أننا: "نحن نحدث الجميع، قادة ومسئولين والكل مهتم، ونحن حريصون على المساعدات سواء طبية أو إنسانية أن تصل إلى القطاع"، مضيفا: "يترد كلام كثير وشائعات وهناك مغرضون.. وحبيت أكد إننا مش ساكتين وبنتحرك مع قادة الدول العربية وأصدقائنا وحلفائنا لإيجاد حل للموضوع، طبعا نحن متعاطفون ولكن نريد أن نتعامل بعقولنا لنصل إلى السلام والأمان بشكل لا يكلفنا الكثير، هذا ليس معناه أننا لا نريد أن نتكلف ونحن مستعدون أن نتكلف فى إطار قدراتنا".

سكان غزة

مصير مبدأ حل الدولتين

وتابع الرئيس: "نحن لم نسبب مشكلة لأحد، بالعكس نحن نتحدث ولدينا 9 ملايين من الضيوف جاءوا لمصر من أجل الأمن والأمان، بالنسبة للقطاع خطورة كبيرة جدا لأن معناه تصفية القضية ومهم قوى إننا نبقى منتبهين لهذا، عندما كان الأمر يتعلق بمشاكل أمنية في بلاد الضيوف، لكن الأمر في غزة مختلف هذه القضية قضية القضايا، وقضية العرب كلها، ومهم أن يظل شعبها صامدا ومتواجدا على أرضه ونحن سنبذل أقصى جهد للتخفيف عنه".

ودعا الرئيس كل الأطراف في الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي لإعلاء لغة الحكمة والعقل، وإخراج المدنيين والأطفال والنساء من الاعتداء الغاشم، قائلا: “لم نخذل أمتنا العربية ولن نخذلها يومًا"، مشددا: "أدعو كافة الأطراف لإعلاء صوت العقل، وإلا ستشتعل نيران سوف تحرق القاصي والداني"، مختتما: "حكم التاريخ وقواعد الجغرافيا صاغوا ميثاق الشرف العربي، وجعل مصر دائمًا وأبدًا في صدارة الدفاع عن الأمة العربية".

ومن جهته، قال رئيس المجلس المصري للشئون الخارجية ووزير الخارجية الأسبق السفير محمد العرابي، إن مطالبة إسرائيل سكان قطاع غزة بمغادرة منازلهم والتوجه جنوبًا تعد جريمة؛ تخالف قواعد القانون الدولي الإنساني، وتمثل استمرارا لمخطط التهجير القسري للفلسطينيين من أرضهم بهدف القضاء على مبدأ حل الدولتين، مشددًا على أن مصر لن تقبل بتصفية القضية الفلسطينية.

وحذر السفير العرابي، في تصريح خاص لوكالة أنباء الشرق الأوسط، اليوم السبت، من أن التصعيد العسكري والتهجير القسري وقطع المياه والكهرباء والإنترنت وكافة الخدمات عن أهل غزة والمطالبة بإخلاء المستشفيات من المرضى، كلها إجراءات تؤكد أن دولة الاحتلال تتخذ قرارات غير محسوبة العواقب، وتمثل جميعها جرائم ضد الإنسانية.

وأضاف العرابي، أن حصار وتجويع أهل غزة ونزوح السكان إلى الجنوب سيكون له تبعات خطيرة على الوضع الإنساني بالقطاع، منبهًا بأن التصعيد العسكري واستعداد جيش الاحتلال لتنفيد اجتياح بري لن يحقق السلام لإسرائيل بل سيؤدي إلى توسيع دائرة العنف والانتقام.

وأكد السفير محمد العرابي أهمية التفاف شعب مصر خلف قيادته الحكيمة في ظل اشتعال الجوار المصري على جميع الاتجاهات، مضيفًا في الوقت ذاته أن العالم أجمع يعي جيدًا أن أرض سيناء خط أحمر، وأن الدولة المصرية لا تخضع لضغوط من أحد، مذكرًا بتأكيد الرئيس عبد الفتاح السيسي، خلال تخريج دفعة جديدة من الأكاديمية العسكرية، أن قدرة مصر على تأمين وحماية نفسها كافية.

وحث وزير الخارجية الأسبق، الدول العربية والإسلامية على توحيد الصف واتخاذ موقف سريع وحاسم إزاء ما يتعرض له أبناء غزة من عدوان غاشم ومحاولات لتصفية القضية الفلسطينية، لاسيما في ظل تخاذل وتقاعس المجتمع الدولي بصورة معيبة وتخليه عن حقوق شعب فلسطين، فضلًا عن مساندته لدولة الاحتلال في قتل الأبرياء بحجة الدفاع عن نفسها.