-

غزة تحرج قادة الغرب.. انقسامات وخلافات تجتاح

غزة تحرج قادة الغرب.. انقسامات وخلافات تجتاح
(اخر تعديل 2024-09-09 15:44:53 )

منذ اليوم الأول لاشتعال الحرب في غزة وتحظى إسرائيل بدعم غربي كامل زاد من عدوانها الغاشم على المدنيين في القطاع؛ فقد زودتها واشنطن بالأسلحة والصواريخ، وأعربت لندن وباريس عن استعدادهما للخطوة نفسها بمجرد أن تطلب تل أبيب. ولكن تلقت الحكومات الغربية مذكرات اعتراضية بالجملة وصلت لحد الاستقالات ووقعت الخلافات والانقسامات رفضا للسلوك الذي ينتهجه قادتها.


الولايات المتحدة الأمريكية

اعترف وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكين، بوجود خلافات داخل الوزارة حول نهج إدارة بايدن تجاه الحرب بين إسرائيل وحماس في رسالة بالبريد الإلكتروني إلى الموظفين يوم الاثنين.

وتأتي رسالته إلى الموظفين، التي أُرسلت في أعقاب رحلاته الأخيرة، وسط غضب ومعارضة متزايدة، ليس فقط من الموظفين في وزارة الخارجية ولكن داخل إدارة بايدن الأوسع.

وكتب بلينكن في رسالته الإلكترونية يوم الاثنين، والتي اطلعت عليها شبكة سي إن إن: "أعلم أن المعاناة التي سببتها هذه الأزمة بالنسبة للكثيرين منكم لها أثر شخصي كبير. الألم الذي يأتي مع رؤية الصور اليومية للرضع والأطفال".

وأضاف “إن معاناة كبار السن والنساء وغيرهم من المدنيين في هذه الأزمة أمر مؤلم. وأنا أشعر بذلك بنفسي”.

وأشار كبير الدبلوماسيين الأمريكيين إلى أن “بعض الأشخاص في الوزارة قد يختلفون مع الأساليب التي نتبعها أو لديهم وجهات نظر حول ما يمكننا القيام به بشكل أفضل”.

ثم أشار رئيس وزارة الخارجية إلى أنه تم تنظيم منتديات في واشنطن العاصمة، حتى يتمكن الموظفون من تقديم تعليقاتهم.

وقال: “نحن نستمع: ما تشاركونه هو إعلام سياستنا ورسائلنا”.

وفي مؤتمر صحفي لوزارة الخارجية يوم الاثنين، أشار المتحدث باسم وزارة الخارجية مات ميلر إلى أن “وزارة الخارجية، مثل كل منظمة، ليس فقط في الحكومة ولكن في جميع أنحاء العالم، تحتوي على أشخاص لديهم وجهات نظر متنوعة”.

وقال ميلر: “إن إحدى نقاط قوتنا كمنظمة هي أن لدينا هذا التنوع في وجهات النظر وأننا نرحب بالناس للإعلان عن هذه الآراء”.

وأضاف أن بلينكن التقى بعدد من الأشخاص “من جميع الرتب في الوزارة، ومن مكاتب مختلفة في الوزارة، للاستماع بالضبط إلى ما يفكرون فيه بشأن سياستنا، سواء فيما يتعلق بإسرائيل وصراعها مع حماس، أو فيما يتعلق باحترام إسرائيل” إلى أمور أخرى، بما في ذلك المسائل المثيرة للجدل للغاية”.

كما ذكرت شبكة “سي إن إن” الأسبوع الماضي أن مئات الموظفين في الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية وقعوا على رسالة مفتوحة تدعو إلى وقف إطلاق النار، وهناك تقارير عن “مذكرة معارضة” داخل وزارة الخارجية.

وفي الشهر الماضي، استقال مسؤول في وزارة الخارجية علناً احتجاجاً على سياسة الإدارة بشأن الحرب بين إسرائيل وحماس.

فرنسا

فقد كشفت صحيفة لوفيجارو الفرنسية عن أن أكثر من عشرة سفراء ودبلوماسيين فرنسيين يعملون في الشرق الأوسط والمغرب العربي كتبوا مذكّرة جماعية وقّعوا عليها وأرسلوها إلى قصر الاليزيه ووزارة الخارجية.

ونسبت الصحيفة إلى دبلوماسي في باريس قوله إن المذكرة تحمل مواصفات الانشقاق وقد جاء فيها أن "موقف فرنسا في بداية الأزمة ليس مفهوماً في الشرق الأوسط وهو يشكل قطيعة مع موقفها التقليدي المتوازن بين ‏الفلسطينيين والإسرائيليين".

وأوضح الدبلوماسي الذي اطلع على المذكرة، بحسب لو فيجارو، أن "السفراء والدبلوماسيين يلاحظون بأسف خسارة فرنسا لمصداقيتها وتأثيرها في العالم العربي حيث تسود صورة سلبية عن بلدنا"

وتلمح المذكرة وإن بشكل دبلوماسي إلى أن كل ذلك هو "نتيجة المواقف التي اتخذها رئيس الجمهورية مؤخراً".

وردّاً على ما جاء في المذكرة، قال مسؤولون في الاليزيه ووزارة الخارجية لـ"لوفيجارو" إن "السياسة الخارجية لفرنسا تقرّرها في النهاية السلطات المنتخبة، أي رئيس الجمهورية وحكومته، ومن ضمنها وزيرة الخارجية".

وجاء في المذكرة الجماعية للسفراء والدبلوماسيين في الشرق الأوسط والمغرب العربي أن "فرنسا تُتّهم أحياناً" في بعض الدول العربية "بأنها متواطئة في أعمال الإبادة" التي تقوم بها إسرائيل، وقد وصلت النقمة عليها إلى حد تهديد أحد السفراء الفرنسيين العاملين في المنطقة بالقتل.

وتضيف "لو فيجارو" أن دائرة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في وزارة الخارجية التي يتبع لها الموقعون على المذكّرة لم يؤخذ رأيها مسبقاً لدى كتابة وتوقيع نصّها، إلا أن دبلوماسيين كثيرين ممّن يعملون في مقرّ الوزارة في باريس يدعمونها سرّاً.

وأخيراً تشير الصحيفة الفرنسية إلى أن المذكرة تعتبر "أن عدم الثقة بفرنسا عميق في العالم العربي ويمكن أن يستمرّ طويلاً"

وأشار السفراء والدبلوماسيون إلى أن ما يقوله البعض في الدول التي يعمل بها هؤلاء هو أن "خطاب فرنسا القائم على الإنسانية يتناقض مع المقاربة الجديدة" التي عكسها موقف ماكرون غير المتوازن، كما جاء في المذكرة، لكن الموقعين عليها استدركوا قائلين إن انتقادات الرئيس القاسية لإسرائيل خلال المقابلة التي أجرتها معه قناة "بي بي سي" البريطانية قبل أيام "تشير إلى أنه فهم أن موقفه يجب أن يتطور" في اتجاه العودة إلى موقف متوازن.

بريطانيا

وفي لندن، ضربت استقالات كثيرة حزب العمال بسبب دعم إسرائيل في حربها ضد قطاع غزة، موضحا أن اللوبي المؤيد لإسرائيل يرغب في وقف المظاهرات المؤيدة لفلسطين في بريطانيا.

كما اتخذت الحكومة البريطانية بالأمس خطوة إقالة وزيرة الداخلية سويلا برافرمان، بعد أن أثارت غضبا لاتهامها الشرطة بأنها متساهلة للغاية مع المتظاهرين المؤيدين للفلسطينيين.

وكان سوناك ، تحت ضغط متزايد من قطاعات من حزبه المحافظ وكذلك واجه هجمات من المعارضة للسماح لها بالاستمرار في وظيفتها وتلقى دعوات كثيرة للاتخاذ موقف صارم مع برافرمان، وهي شخصية مثيرة للانقسام تحظى بشعبية لدى الجناح الاستبدادي لحزب المحافظين الحاكم.

وفي هجوم غير عادي للغاية على الشرطة الأسبوع الماضي، قالت برافرمان إن قوة شرطة لندن تتجاهل خرق القانون من قبل "الغوغاء الموالين للفلسطينيين".

ووصفت المظاهرات بأنها "مسيرات الكراهية". ويوم الأحد، اشتبك المتظاهرون اليمينيون المتطرفون مع الشرطة في لندن. واتهم النقاد برافرمان بالمساعدة في تأجيج التوترات.

ولذلك كان قرار إقالتها، أمس الاثنين، قرارا حتميا.

وفي خطوة أخرى، تم تعيين رئيس الوزراء البريطاني الأسبق، ديفيد كاميرون، وزيرا للخارجية. وفي أولى مهامه، بحث مع نظيره الأمريكي أنتوني بلينكن الصراع بالشرق الأوسط، وضرورة إعلان هدنة إنسانية، حتى يتسنى إدخال المساعدات لغزة.

وكشف سياسيون أن ريشي سوناك، رئيس الوزراء البريطاني، كان يبحث عن شخصية لها علاقة طيبة مع العالم العربي لذلك اختار رئيس الوزراء السابق ديفيد كاميرون وزيرا للخارجية، حيث كان يتمتع بعلاقات قوية مع دول العالم العربي.

كما أكد أن اختيار كاميرون وزيرا للخارجية، يعود أيضا لقوة علاقته مع الدول الأوروبية، لافتا إلى أن موقف لندن من الحرب الإسرائيلية دعم إسرائيل في حربها على غزة، كما أنها أعطت إسرائيل الضوء الأخضر في حربها على غزة.

وفي سياق المتصل، كشفت صحيفة "الجارديان" البريطانية عن طعن حكومة بريطانيا في تحقيق المحكمة الجنائية الدولية في سلوك إسرائيل، حيث يرفض المحافظون حق المحكمة الجنائية الدولية في التحقيق في سلوك إسرائيل في الحرب على قطاع غزة، لكن حزب العمال يريد إجراء تحقيق في جرائم الحرب المحتملة.