بينما كان الإسرائيليون يعيشون أحلك يوم في تاريخ الدولة اليهودية، كانت وسائل الإعلام الاجتماعية العربية تضج بصيغ مختلفة لطوفان الأقصي وهجوم المقاومين الفلسطينيين وتصفه: "الهروب من السجن".
وفقا لتقرير نشرته فاينانشال تايمز، في منصات مختلفة، عرضت المنشورات صورا تتراوح بين الجدار الأمني الإسرائيلي المكسور الذي يحيط بغزة – الأراضي الفلسطينية التي شنت منها المقاومة الفلسطينية هجومها– إلى قبضة مشدودة بألوان العلم الفلسطيني تتحرر من الأغلال الإسرائيلية.
تعكس المنشورات المنتشرة على نطاق واسع عدد الأشخاص في جميع أنحاء العالم العربي الذين كانوا داعمين علنًا لهجوم المقاومة الفلسطينية، واغتنموا الفرصة للتعبير عن تضامنهم مع القضية الفلسطينية.
لطالما وصف العرب ونشطاء حقوق الإنسان غزة بأنها "سجن في الهواء الطلق". لكن رد الفعل في نهاية المطاف يعكس كيف علَّمت عقود من الصراع العديد من العرب من هم الإسرائيليين بالنسبة لهم. ويعود العداء إلى النكبة عام 1948 حيث تم تهجير عدة مئات الآلاف.
أصدرت الحكومات العربية بيانات داعمة للفلسطينيين. وأدانوا العنف، لكنهم أشاروا إلى معاملة إسرائيل للفلسطينيين باعتبارها السبب الجذري لهجوم حماس، الذي عطل حملة الولايات المتحدة وإسرائيل لتعزيز العلاقات بين الدولة اليهودية والدول العربية.
قال دبلوماسيون إن المشاعر العربية لا تتعلق بدعم حماس ولكن تتعلق بالتضامن مع الفلسطينيين، وخاصة أولئك المحاصرين في غزة. وقال مسؤول عربي: "إنها سابقة تلهم الكثيرين في المنطقة، لأن الوضع ببساطة لا يمكن الدفاع عنه في الأراضي الفلسطينية ولم يكن أحد يهتم".
يقول دبلوماسيون ومحللون عرب إن العداء العربي تجاه إسرائيل تصاعد منذ أن شكل رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الحكومة اليمينية المتطرفة الأكثر تطرفا في الدولة اليهودية أواخر العام الماضي. وقبل تشكيل حكومة الوحدة الوطنية يوم الأربعاء، ضم ائتلافه مستوطنين صهاينة متدينين يتحدثون علنًا عن ضم الضفة الغربية المحتلة ولهم تاريخ في شيطنة الفلسطينيين.
تفاقم هذه المشاعر بسبب محنة 2.3 مليون فلسطيني مكدسين في غزة، حيث تسيطر إسرائيل على نقاط الدخول إلى القطاع الساحلي. ويتعرض القطاع الآن للقصف الجوي الإسرائيلي، وقُتل أكثر من 1300 شخص بسبب القصف الإسرائيلي للقطاع منذ يوم السبت، وفقًا لمسؤولي الصحة في غزة.
كما تأجج الغضب الفلسطيني بسبب الغارات الإسرائيلية شبه اليومية في الضفة الغربية على مدى الأشهر الثمانية عشر الماضية، إلى جانب الضم الزاحف للأراضي.
وبحسب تقرير الفاينانشال تايمز، إذا كان هناك حكومة إسرائيلية متطرفة وعنصرية، وهناك سلطة فلسطينية في الضفة الغربية تتمتع بمصداقية قليلة بين شعبها، وهناك مجتمع دولي يتجاهل القضية الفلسطينية بشكل أساسي، وخاصة الولايات المتحدة. ماذا تتوقع أن يبقى الناس في أقفاص إلى الأبد؟
ولطالما حذرت الأردن ومصر، وكلاهما على الحدود مع إسرائيل، من مخاطر تجاهل القضية الفلسطينية، في حين دفعت الإدارات الأمريكية المتعاقبة الدول العربية إلى تطبيع العلاقات مع إسرائيل. وحتى وقت قريب، كانت مصر والأردن الدولتين العربيتين الوحيدتين اللتين أقامتا علاقات دبلوماسية كاملة مع الدولة اليهودية. ولكل منهما تاريخ من الصراع مع إسرائيل وتحملا سلاما باردا.
لكن في عام 2020، توسط الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب في صفقات معاملات أدت إلى إقامة الإمارات العربية المتحدة والبحرين والسودان والمغرب علاقات دبلوماسية مع إسرائيل.
ستكون هذه الحرب تحويلية، وستجبر إسرائيل على التفكير بشكل مختلف تمامًا بشأن المنطقة.
وقال أحد الخبراء الإسرائيليين لفاينانشال تايمز، لا ينبغي لنا أن نتوقع نفس الدفء تجاه إسرائيل، والموقف المرتقب من الدول العربية؛ ستكون المحادثة في المقام الأول حول الأمن بدلاً من التكامل والتجارة.
قال دبلوماسي عربي: عادت القضية الفلسطينية إلى دائرة الضوء..لكن هناك علامة استفهام على الطريقة التي أبدت بها الدول الغربية استعدادها لمنح تفويض مطلق لإسرائيل للقيام بما تريد رداً على ذلك.