لاشك أن الوقوع في فعل محرم يوم العيد ليس ما ينبغي أن تكون عليه بداية عهدنا بعدما ودعنا رمضان منذ ساعات قليلة راجين الله أن يتقبل صالح أعمالنا، وقد صار أول أيام عيد الفطر 2024 على بُعد خطوات قليلة لا تتجاوز الساعات، وحيث إنه وقت حصاد خير رمضان والفرح، من هنا ينبغي اجتناب كل ما قد يعكر هذه الفرحة في يوم العيد ، التي حدثنا عنها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، إلا أن هناك فعل محرم يوم العيد
ينبغي الحذر من الوقوع فيه في أول أيام عيد الفطر 2024 ولو حتى من باب الاجتهاد بعد رمضان.
أول أيام عيد الفطر 2024
يبدأ أول أيام عيد الفطر 2024 فجر غد الأربعاء الموافق غرة شوال 1445هـ، و10 من إبريل 2024م ، حيث استطلعت دار الإفتاء المصرية هلال شهر شوال 1445 هـ، مغرب أول أمس الإثنين الموافق 29 من رمضان 1445هـ، و8 إبريل 2024م ، وتبين من الرؤية أن اليوم الثلاثاء هو المتمم لرمضان فيما أن غدًا الأربعاء هو غرة شوال 1445 هـ، ومن ثم أول أيام عيد الفطر 2024 م.
فعل محرم يوم العيد
ينبغي معرفة أهم ما ينبغي عمله أو اجتنابه في يوم العيد ، وهنا ينبغي العلم أنه يَحرُمُ صَومُ يَومَ العيدِ سواء الفِطرِ أو الأضحى، لما ورد عن أبي عُبَيدٍ مولى ابنِ أزهَرَ، قال: (شَهِدْتُ العيدَ مع عُمَرَ بن الخطَّابِ رَضِيَ اللهُ عنه فقال: هذان يومانِ نهى رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عن صيامِهما: يومُ فِطْرِكم من صيامِكم، واليومُ الآخَرُ تأكلونَ فيه من نُسُكِكم ).
وجاء عن أبي سعيدٍ رَضِيَ اللهُ عنه قال: (نهى النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عن صومِ يومِ الفِطرِ والنَّحرِ، وعن الصَّمَّاءِ، وأن يحتبيَ الرَّجُلُ في ثَوبٍ واحدٍ ).
عيد الفطر المبارك
يكون عيد الفطر بعد رمضان، في اليوم الأوّل من شهر شوّال، وقد أجمع الحنفية، والمالكية، والشافعية، والحنابلة على أنّ ثُبوت شهر شوّال، وبدء عيد الفِطر يكون برؤية شاهدَين عَدلَين؛ واستدلّوا بما رُوي عن الرسول -صلّى الله عليه وسلّم-؛ إذ قال: (صوموا لرؤيتِه وأفطروا لرؤيتِه وانسُكوا لها، فإن غُمَّ عليكم فأكمِلوا ثلاثينَ، فإن شهد شاهدانِ مسلمانِ فصوموا وأفطروا).
وقد بيّن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- أنّ انتهاء رمضان، وبدء يوم الفِطر يكون بشهادة شاهدَين عَدلَين، ورُوي عنه أنّ أعرابيَّين قدما إليه، فشهدا أنّهما شاهدا هِلال شوّال، فأمر النبيّ الناس بالفِطر، أمّا إن رأى الهلال شاهدٌ واحد، فإنّه لا يُفطر وحده، بل عليه أن يُفطر مع الناس، وهو قول الجُمهور من الحنفية، والمالكية، والحنابلة؛ واستدلّوا بِحديث النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-؛ إذ قال: (والفطرُ يوم تُفطرون والأضحى يومَ تُضحُّونَ)؛ إذ يجب على الشخص الواحد موافقة الجماعة من الناس في الفطر، وعَدمه؛ لأنّ اتِّفاقهم على الصوم وعدم مشاهدتهم الهلال يدلّ على خطئه في الرؤية.
وتجدر الإشارة إلى أنّه في حال لم يرَ أحد الهلال في اليوم التاسع والعشرين من رمضان، فإنّه يجب إكمال شهر رمضان ثلاثين يوماً؛ للحديث الذي رُوي عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-: (أنَّ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ذَكَرَ رَمَضَانَ فَقالَ: لا تَصُومُوا حتَّى تَرَوُا الهِلَالَ، ولَا تُفْطِرُوا حتَّى تَرَوْهُ، فإنْ غُمَّ علَيْكُم فَاقْدُرُوا له)؛ والمقصود بقول النبيّ: "اقدروا له"؛ أي أتمّوا الشهر ثلاثين يوماً، وفسّر ذلك حديث آخر للنبيّ -عليه الصلاة والسلام-؛ إذ قال: (صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ وأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ، فإنْ غُبِّيَ علَيْكُم فأكْمِلُوا عِدَّةَ شَعْبَانَ ثَلَاثِينَ)،والحديث عام، وهو بذلك يشمل شعبان، ورمضان.
عدد أيام عيد الفطر شرعًا
حدَّد النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- عدد أيام الفطر بيوم واحد، وجاء هذا التحديد بشكل صريح من النبيّ -عليه الصلاة والسلام- في الحديث الذي رواه أنس -رضي الله عنه-؛ إذ قال: (قدم النبيُّ صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ المدينةَ ولهم يومانِ يلعبونَ فيهما ، فقال : قد أبدلَكُم اللهُ تعالى بهما خيرًا منهما : يومَ الفطرِ والأضحى)، وعليه فيجوز صيام اليوم الثاني من شوّال؛ وهو اليوم الذي يَلي عيد الفِطر، وهذا دليل على عدم اعتباره من أيّام العيد؛ لأنّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- نهى عن صيام يوم العيد، قال أبو سعيد الخدريّ: (نَهَى النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عن صَوْمِ يَومِ الفِطْرِ والنَّحْرِ).
سنن عيد الفطر المبارك
ورد أن هناك مجموعة من الآداب والسُنن المستحبة في يوم العيد، ومنها الاغتسال، حيث إنه قد صح ذلك عن بعض الصحابة، فسأل رجلٌ عليًّا رضي الله عنه عن الغسل قال: اغتسل كل يوم إن شئت، فقال: "لا، الغسل الذي هو الغسل"، قال: "يوم الجمعة، ويوم عرفة، ويوم النحر، ويوم الفطر"، لبس ثياب جديدة يتجمل بها فعَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: أَخَذَ عُمَرُ رضي الله عنه جُبَّةً مِنْ إِسْتَبْرَقٍ تُبَاعُ فِي السُّوقِ فَأَخَذَهَا فَأَتَى بِهَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ابْتَعْ هَذِهِ تَجَمَّلْ بِهَا لِلْعِيدِ وَالْوُفُودِ ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِنَّمَا هَذِهِ لِبَاسُ مَنْ لَا خَلَاقَ لَهُ) رواه البخاري (906).
وورد من سنن عيد الفطر كذلك التطيب بأحسن الطيب، وقد صح عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه "كان يتطيب يوم الفطر"، كما في "أحكام العيدين"، وهذا التزين والتطيب إنما يكون من النساء في بيوتهن أمام أزواجهن ونسائهن ومحارمهن، ويستوي في استحباب تحسين الثياب والتنظيف والتطيب وإزالة الشعر والرائحة الكريهة الخارج والقاعد في بيته؛ لأنه يوم الزينة فاستووا فيه.
و يسنُّ التكبير في عيد الفطر: من رؤية الهلال؛ لقوله تعالى: «وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبّرُواْ اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ»، وإكمال العدة يكون بإتمام الصيام، والتهنئة وتكون بأي لفظ مباح، وأفضلها: "تقبل الله منا ومنكم"، لأن هذا هو الوارد عن الصحابة رضي الله عنهم، ومن سنن العيد أيضًا التوسعة في الطعام والشراب، لا حرج من التوسعة في الطعام والشراب وأكل الطيب من الطعام في البيت.