-

حل عاجل لأزمة الدولار.. مصر تقر نظاما تجاريا

حل عاجل لأزمة الدولار.. مصر تقر نظاما تجاريا
(اخر تعديل 2024-09-09 15:44:53 )

تحركات وإجراءات وتنوع في المعاملات التجارية والشراكات الاقتصادية تقوم بها الحكومة ممثلة في وزارة المالية، وذلك للحد من أزمة السيولة الدولارية وتخفيف الضغوطات على العملة المحلية "الجنيه المصري" في ظل التداعيات الاقتصادية العالمية.

مصر تلجأ للهند

وعقد الدكتور محمد معيط وزير المالية، لقاءً ثنائيًا مع سفير الهند بالقاهرة أجيت جوبتيه، في إطار حرص البلدين على تعزيز التعاون الثنائي بمختلف المجالات التنموية، فى إطار تعزيز تعاون دول "الجنوب العالمي" في مواجهة التحديات الاقتصادية العالمية الناتجة عن الحرب بأوروبا وما تبعها من ارتفاع في أسعار الغذاء والوقود وتكاليف التمويل.

وبحث الجانبان، سبل تشجيع استخدام العملات الوطنية لتسوية المدفوعات بين البلدين، وتعزيز استفادة الشركات الهندية من الحوافز والمزايا التي تتيحها مصر للقطاع الخاص لتوسيع مشاركته في النشاط الاقتصادي من خلال "وثيقة سياسة ملكية الدولة" وبرنامج "الطروحات الحكومية"، وتبسيط الإجراءات عبر "الرخصة الذهبية" التي تمنح المشروع موافقة واحدة لإقامته وتشغيله وإدارته.

وأكد وزير المالية، حرص مصر على تنويع مصادر التمويل والدخول إلى أسواق مالية جديدة، من خلال أدوات مبتكرة ومتنوعة وأكثر استدامة، موضحًا أنه تم مناقشة بحث إمكانية التوجه إلى أسواق المال الهندية بعدما نجحنا في إصدار سندات "باندا" مستدامة بسوق المال الصينية، بقيمة 3.5 مليار يوان، وسندات "ساموراى" بقيمة 75 مليار ين ياباني.

وأضاف الوزير، أنه تم بحث إمكانية تبادل الخبرات في مجالات تكنولوجيا الشمول المالي ودعم الهند لمشروع التأمين الصحي الشامل، بما يسهم فى توفير الرعاية الصحية الشاملة والمتكاملة لكل أفراد الأسرة المصرية.

وفي يونيو قالت مصادر لوكالة رويترز إن الهند تدرس اقتراحا لبدء تجارة "المقايضة" مع مصر في سلع مثل الأسمدة والغاز، كجزء من اتفاق أوسع يمكن أن يشهد قيام نيودلهي بتمديد خط ائتمان بعدة مليارات من الدولارات للقاهرة.

سعر صرف الدولار

وقال الدكتور السيد خضر الخبير الاقتصادي، إن توجه مصر نحو أسواق المال الهندية لتنويع مصادر التمويل يعكس رغبة الحكومة في استغلال فرص جديدة لتعزيز الاستثمارات وتمويل المشروعات التنموية، حيث هذا التوجه يعكس التزايد في الروابط الاقتصادية والتجارية بين مصر والهند، ويعزز التعاون الثنائي في مجالات متنوعة.

ولفت هناك عدة عوامل تجعل التوجه نحو أسواق المال الهندية محط اهتمام، حيث تتمتع الهند باقتصاد قوي وسوق مالية نشطة ومتقدمة، وتعد أحد أكبر الاقتصادات في العالم، وتوفر فرصا استثمارية واسعة في مجالات مختلفة مثل التكنولوجيا، والطاقة المتجددة، والبنية التحتية، والصناعات الصغيرة والمتوسطة.

وأكد أن الاقتصاد المصري والهندي يمتلكان مجموعة متنوعة من المجالات التي يمكن أن يتم التعاون فيها، مثل الزراعة والصناعات الكيماوية والملابس والسياحة، وهذا يعني أن هناك إمكانية لتبادل التجارة والاستثمارات في قطاعات متعددة بين البلدين.

وأشار: كما أن التوجه نحو أسواق المال الهندية يمكن أن يساهم في تعزيز رؤوس الأموال وتوفير التمويل اللازم لتنفيذ المشروعات التنموية الكبرى في مصر، مثل: مشروعات البنية التحتية والطاقة والسياحة، ويساهم في تعزيز التبادل التجاري بين البلدين وتعميق التعاون الاقتصادي.

وأكد: توجد عدة فوائد للتعامل بين الهند ومصر باستخدام العملات الوطنية في التجارة والاستثمار منها تقليل التكاليف، "يتم تجنب تحويل الأموال إلى عملة ثالثة مشتركة مثل الدولار الأمريكي، وهذا يقلل من تكاليف التحويلات النقدية والرسوم المصرفية المرتبطة بها".

مكاسب من الشراكة

وتابع: يساعد التعاون في الحماية من التقلبات النقدية، فعند استخدام العملات الوطنية، يتم حماية الأطراف المتعاملة من التقلبات النقدية وتذبذب أسعار صرف العملات الأجنبية، وهذا يعزز الاستقرار ويقلل من المخاطر المالية المحتملة تعزيز التجارة الثنائية.

وأكد أن التعاون يعزز من الاستقلالية المالية باستخدام العملات الوطنية، بحيث تصبح البلدان أكثر استقلالية مالية وأقل تعرضا للتأثيرات الخارجية، وتكون السياسة النقدية والاقتصادية لكل بلد هي التي تؤثر في قيمة عملته، مما يمنحهما سيطرة أكبر على أمورهما المالية الداخلية.

وأكمل: كما أن التعامل بالعملات المحلية بدلا من الدولار في التجارة والاستثمار يخفف من الضغط على الدولار في العديد من الجوانب منها: تقليل الطلب على الدولار، حيث باستخدام العملات المحلية في التعاملات التجارية، يقل الطلب على الدولار لإجراء التحويلات النقدية وإنجاز الصفقات، هذا يمكن أن يقلل من الطلب على الدولار كعملة احتياطية ويقلل من استخدامه في العمليات المالية العالمية.

وأشار إلى أن الشراكة بين الدولتين تساهم في تنويع الاحتياطيات النقدية بدلا من الاعتماد بشكل كبير على الدولار لتشكيل الاحتياطيات النقدية، يمكن للبلدان تنويع احتياطياتها بتضمين عملات محلية أخرى، وهذا يقلل من التعرض لمخاطر تقلبات سعر صرف الدولار ويزيد من استقلالية البلدان في إدارة احتياطياتها.

وشدد: تحدث كذلك عملية الشراكة توازن في التجارة والمدفوعات، حيث استخدام العملات المحلية في التجارة بين البلدان يمكن أن يعزز التوازن في المدفوعات الخارجية، إذا كانت التجارة تتم بالعملات المحلية، فيمكن للبلدين تقليل الحاجة إلى الدولار لتسوية الفواتير وتحقيق توازن أكبر في المدفوعات بينهما.

تقلبات سوق الصرف

واختتم: من أهم المكاسب للشراكة تقليل التبعية عند حدوث الأزمات المالية، فيمكن للبلدان التي تستخدم العملات المحلية أن تكون أقل تعرضا للتأثيرات السلبية لحدوث تقلبات في سوق الصرف الأجنبي أو ارتفاع قيمة الدولار، هذا يمكن أن يخفف من التأثيرات الاقتصادية السلبية ويسمح بتنفيذ سياسات مالية أكثر استقلالية.

وتحاول مصر أن تصل إلى تنفيذ عمليات تبادل تجاري مع عدد من الدول ببنها الصين وروسيا وتركيا والهند وكينيا، عن طريق نظام "المقايضة"، وذلك من أجل تخفيف الضغط على العملة الأجنبية، وحل أزمة الدولار.

وتدرس مصر تنفيذ عمليات التبادل التجاري مع الصين وروسيا وتركيا والهند وبعض الدول الإفريقية بنظام "المقايضة"؛ لخفض الضغط على العملة الأجنبية.

واتجهت مصر إلى نظام المقايضة؛ لأنها تبحث منذ فترة عن "بدائل للعملة الصعبة التي تعاني شحاً فيها، سواء بنظام المقايضة أو عبر إجراء عمليات التبادل التجاري بالعملة المحلية مع الدول الأخرى.

ويقصد بالمقايضة التجارية، أن تتم عملية التبادل بين الطرفين، عبر تقديم أحدهما للآخر سلعة أو خدمة أو أصلاً غير النقود، مقابل سلعة أو خدمة أو أصل غير النقود.

تجارة عبر المقايضة

وتلتهم الواردات المصرية جزءا كبيرا من صافي الاحتياطي النقدي، وهو ما يدعو إلى البحث عن الكثير من الوسائل للحد من زيادة الطلب على الدولار، والتي تشكل ضغطًا كبيرًا عليه، فضلًا عن التزامات الدولة المصرية الدولارية لدى الغير.

ونظام التجارة بالمقايضة، أمر سائد ومعروف في المعاملات الاقتصادية وليس بجديدٍ، لجأت إليه الصين من قبل، ودول أمريكا الجنوبية، فضلًا عن روسيا سبق وإن لجأت إليه مؤخرًا مع إيران، وبالفعل أصبح منتشر لدى العديد من الدول.