ليس هناك أدنى شك على موقف مصر الثابت من القضية الفلسطينية، ودائما ما يؤكد الرئيس السيسي دعم مصر للشعب الفلسطيني وقضيته وأنها دولة ذات سيادة لا تتعاون مع منظمات إرهابية وتركيزها الأكبر في دورها مع قضايا الأمة العربية والرسالة الواضحة والحاسمة إن "سيناء خط أحمر"، وفق تصريحات الرئيس السيسي التي تكررت أكثر من مرة مؤخرا بعد اندلاع الحرب في غزة، وإن تهجير الفلسطينيين "مؤامرة معناها نقل المواجهة".
ركزت إسرائيل مع تصريحات الرئيس السيسي والرسائل الخفية في حديثه، من بين كل التصريحات العالمية للقادة والزعماء ورؤساء الحكومات والمنظمات الدولية والإقليمية والحقوقية، في الفترة الأخيرة وتحديدا منذ 7 أكتوبر الجاري، وخضعت تصريحاته لتحليل مراكز صنع القرار في إسرائيل، وظهرت تسريبات في صورة مقالات لكتاب في دولة الاحتلال تكشف وتحلل الرسائل في كلام الرئيس السيسي، وهو ما سبب القلق للإسرائيليين.
إضافة إلى ذلك، جاءت تصريحات الرئيس السيسي قوية في مقابلاته واتصالاته مع قادة العالم، وخاصة الرئيس الأمريكي جو بايدن حول ضرورة وقف الحرب الدائة في غزة وإدخال المساعدات فورا، واستجاب بايدن وضغط على إسرائيل لإدخال المساعدات بعد ماكانت رافضة بشكل قاطع، إضافة لمناقشاته مع قادة الدول الموالية لإسرائيل مثل إنجلترا وألمانيا، وبدأت نبرة الغرب تتغير وخصصت أوروبا مساعدات مالية وإنسانية لقطاع غزة بعد ما عرفوا حجم العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة وضرب المستشفيات والمساجد وقتل الأطفال والنساء والشيوخ.
تصريحات الرئيس السيسي
ومن بين تصريحات الرئيس السيسي التي وقف الإسرائيليون أمامها، وركز عليها الكاتب الإسرائيلي يتسحاق ليفانون في مقاله بصحيفة "معاريف" الإسرائيلية، ما قاله الرئيس في الأيام القليلة الماضية بشأن الحرب على غزة، خاصة حين وجه حديثه لإسرائيل لتوطين سكان غزة في صحراء النقب، بقوله، "إنه إذا كان هناك فكرة للتهجير، توجد صحراء النقب يمكن نقل الفلسطينيين إليها حتى تنتهي تل أبيب من مهمتها المعلنة ضد الجماعات المسلحة في قطاع غزة"، وقال ليفانون إن الرئيس عبد الفتاح السيسي يعلم جيدا أنه ليس أمام إسرائيل الآن خيار آخر غير مواجهة حماس، وإن تصريحاته الأخيرة قد تدل على أهداف خفية.
صحراء النقب
وصحراء النقب تمتد في المناطق الجنوبية للأراضي الفلسطينية المحتلة بمساحة تتجاوز 14 ألف كيلومتر مربع، وتشترك حدودها مع الأردن شرقاً وصحراء سيناء غربا، ويفصلها عن البحر الأحمر مدينة إيلات من جهة الجنوب، أما من الجهة الشمالية فتعد مدينة الخليل (جنوب الضفة الغربية) من أقرب المدن الفلسطينية إليها.
أحدثت تصريحات الرئيس عبدالفتاح السيسي، خلال المؤتمر الصحفي الذي عقده مع المستشار الألماني أولف شولتس في القاهرة (الأربعاء 18 أكتوبر)، ردود فعل قوية خاصة ما تعلق منها بفكرة نقل فلسطينيي غزة إلى صحراء النقب في إسرائيل بدلا من سيناء، وهو ما يضع إسرائيل في حرج سياسيا وأمنيا، وأنها قد تنطوي على تصدير أزمة إلى حكومة نتنياهو التي لا تتوانى عن قصف الفلسطينيين وحصارهم وإجبارهم على الذهاب إلى جنوب غزة، في الوقت نفسه قد يعني الطرح تذكير للعالم بأن هناك منطقة فلسطينية محتلة من إسرائيل وقليلة السكان وهي أولى باستيعاب أهالي غزة الفارين من الدمار.
أنهى الرئيس السيسي شبح التوطين في سيناء باستخدام مفردات تقلق إسرائيل ودولا غربية أخرى يهمها الحفاظ على الهدوء بين مصر وإسرائيل، وأشار إلى أن التهجير إلى سيناء يعني خلق مقاومة فلسطينية جديدة.
ولطالما تحاول دولة الاحتلال الإسرائيلي دفع الفلسطينيين العزل تجاه الحدود المصرية، إلا أن مصر منتبهة جيدا لذلك المخطط الذي يستهدف في المقام الأول تصفية القضية الفلسطينية، وأكد الرئيس عبد الفتاح السيسي أن مصر دولة "ذات سيادة" وأن فكرة النزوح وتهجير الفلسطينيين إلى مصر “فكرة غير قابلة للتنفيذ”.
ثوابت مصر
وأكدت جمهورية مصر العربية، عدم القبول - أبداً - بدعاوى تصفية القضية الفلسطينية، على حساب أي دولة بالمنطقة، وأنها لن تتهاون للحظة في الحفاظ علي سيادتها وأمنها القومي في ظل ظروف وأوضاع متزايدة المخاطر والتهديدات، مستعينة في ذلك بالله العظيم، وبإرادة شعبها وعزيمته.
وقالت مصر - في بيان صحفي صادر عن رئاسة الجمهورية بشأن قمة القاهرة للسلام التي عقدت السبت 21 أكتوبر - إنها ستحافظ دوماً على موقفها الراسخ الداعم للحقوق الفلسطينية، والمؤمن بالسلام كخيار استراتيجي، لا حياد أو تراجع عنه؛ حتى تتحقق رؤية حل الدولتين الفلسطينية والإسرائيلية، اللتين تعيشان إلى جوار بعضهما البعض في سلام.