تجاوزت حصيلة ضحايا فيضانات مدينة درنة شرقي ليبيا، 11 ألف قتيل، وعشرات الآلاف من المفقودين، ومن المتوقع ارتفاع هذه الأرقام مع تواصل عمليات البحث عن ناجين، ويوجد تحذيرات شديدة من مخاطر الألغام الأرضية التي جرفتها مياه الفيضانات من مكان إلى آخر وتهدد المدنيين الذين يتنقلون سيرًا على الأقدام.
وضع إنساني قاتم في درنة
وبعد مرور نحو أسبوع على إعصار دانيال الذي ضرب شمال شرق ليبيا "لا يزال الوضع الإنساني قاتما وخاصة في درنة"، وتعاني المدينة من مشكلة حادة فيما يتعلق بمياه الشفة، وقد أصيب 55 طفلاً على الأقل بالتسمم لشربهم مياها ملوثة.
وفي المناطق المحيطة التي شهدت سنوات من النزاعات المسلحة، حذرت الأمم المتحدة من مخاطر الألغام الأرضية التي جرفتها مياه الفيضانات من مكان الى آخر وتهدد المدنيين الذين يتنقلون سيرا على الأقدام.
وعلى الفور تدخلت مصر لدعم أشقائها في ليبيا وتقديم يد العون لهم، وقدمت مصر كافة أوجه الدعم اللوجستي والإغاثة الإنسانية العاجلة بالتعاون مع الأجهزة والمؤسسات الليبية المختصة وفقاً لاحتياجاتها لمواجهة التداعيات المترتبة على الإعصار، ووجه الرئيس عبدالفتاح السيسي القوات المسلحة بتقديم كافة أشكال الدعم الإنساني، من أطقم إغاثة ومعدات إنقاذ ومعسكرات إيواء للمتضررين، بالتعاون والتنسيق مع الأجهزة والمؤسسات الليبية والمغربية.
وبعد الدعم المصري دعا وزير الخارجية الليبي عبد الهادي الحويج القيادة المصرية، لما لها من مكانة إقليمية ودولية، لتبني تنظيم مؤتمر دولي لإعادة إعمار مدينة درنة والمدن المتضررة في ليبيا نتيجة لتعرضها لأضرار بالغة جراء إعصار دانيال.
وقال الوزير في اتصال مع "راديو مصر" إن الحكومة الليبية ومجلس النواب قد خصصا 10 مليارات دينار ليبي لعمليات الإعمار وإصلاح الأضرار، ومع ذلك، فإننا بحاجة إلى تضافر جهود المجتمع الدولي ودعمه للمساهمة في إعادة الإعمار بشكل سريع، ولإعادة الحياة لتلك المدن.
وأضاف أن إرادة الحياة يجب أن تنتصر على الصعاب والكوارث الكبيرة، وعلينا أن نواجه الألم بالأمل، ومصر كانت وستظل دائماً الرائدة في تقديم المساعدة والمساهمة في التعاون مع الشعب الليبي الشقيق، وهذه المساهمة ستبقى خالدة في تاريخ ليبيا وتاريخ العلاقات المصرية الليبية، وستظل محفورة بأحرف من النور لصالح مصر العظيمة وشعبها وحكومتها وقيادتها.
وأشاد وزير الخارجية الليبي بدور مصر والعلاقة الوطيدة بين البلدين، مشيرًا إلى أن دور مصر العظيم لا يقتصر على المساعدات الحالية، بل تمتد إلى دعمها الدائم وتضحياتها في سبيل استقرار ليبيا.. وأكد أن مصر دولة كبيرة ولعبت وتلعب دورًا كبيرًا في المنطقة العربية والإفريقية والعالمية.
وقال إن الرئيس عبد الفتاح السيسي، منذ اليوم الأول للكارثة وجه كل أجهزة الدولة لدعم ومساعدة الشعب الليبي، معربا عن شكره للحكومة والقيادة المصرية على الدعم السريع الذي قدموه لأشقائهم الليبيين في هذه الأزمة.
إعادة إعمار درنة
وقال باسمي واسم رئيس الوزراء أسامة حماد، رئيس الحكومة الليبية، وكذلك باسم أعضاء الحكومة الليبية والشعب الليبي والقوات المسلحة الليبية، نقدم تعازينا لإخواننا وأشقاء المصريين الذين كانوا يشاركونا في التنمية ونتقدم بخالص العزاء والمواساة لكل أسرة في بني سويف والمدن المصرية المختلفة.
وقال نحن نعتبر أنفسنا شعبًا واحدًا في دولة واحدة، نعيش حاليًا في أيام صعبة وقاسية ونواجه صدمة كبيرة بسبب هذه الكارثة الطبيعية، هذا الإعصار المدمر.
وأكد أن العلاقة بين البلدين لا تقتصر فقط على العلاقات السياسية والدبلوماسية، بل تمتد إلى علاقات الأخوة والنسب والمصاهرة حيث يعيش الليبيون والمصريون كأشقاء وجيران في البلدين.
وقال نحن ممتنون للدول العربية وخاصة جمهورية مصر العربية، فمصر أول دولة عربية استجابت بسرعة فائقة لنداء الاستغاثة وقدمت المساعدة اللازمة وأيضًا تقدمت العديد من الدول العربية بالمساعدات بما في ذلك دولة الإمارات العربية المتحدة والكويت والمملكة العربية السعودية وقطر وتونس وسلطنة عمان وفلسطين والأردن ، وهذا كله يشير بوضوح إلى أننا شعب واحد وجسد واحد، وأن الشعوب العربية تجتمع وتتحد في مواجهة تحديات هذه الظروف الصعبة.
وأضاف أن هناك أيضًا دورا كبيرا من الأمم المتحدة والمنظمات الدولية المعنية مثل منظمة الصحة العالمية واليونيسيف ومجموعة من المنظمات الأخرى لأن حجم الخسائر كبير ولدينا أربع فئات من الضحايا في هذه الكارثة، وهم: المفقودين، العالقين، النازحين، والمصابين ونحن نأمل بتأكيد أن يتم العثور على مفقودين بأمان ونتمنى أن يتم تخصيص جهود خاصة للبحث عنهم.
وقال إن حجم الإعصار وقوة المياه كانت كبيرة وسريعة بغض النظر عن الإمكانيات والاستعدادات، فإننا لا نملك القوة الكافية لمواجهة تأثيرات هذه الكارثة العنيفة.
وأكد أن عدد النازحين يقترب من 60 ألفا، ويحتاجون إلى دعم ورعاية صحية ودعم نفسي كما تواجه الدولة تحديات كبيرة بسبب قدوم فصل الشتاء وبداية العام الدراسي القادم، ومع ذلك، تعمل الحكومة بكل إمكانياتها وتواصل القوات المسلحة والأجهزة المعنية التحرك بسرعة ويتم التواصل مع المجتمع الدولي من أجل تقديم المساعدة في تخفيف الآثار السلبية لهذه الكارثة.
ومن جانبه، قال الدكتور طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية، إن القاهرة لا تفرق في التعامل في المصائب الأليمة بين دولة عربية وأخرى، لافتاً إلى أن هذا كان موقف مصر دائماً من أي أزمة سواء الليبية أو السودانية أو السورية أو المغربية أو الفلسطينية وغيرهم.
وأضاف فهمي في تصريحات لـ “صدى البلد”، أن الموقف المصري هو موقف عروبي من المقام الأول، وأن مصر لم تكتف بمجرد توجيه الدعم بكافة أشكاله، بل أعلنت الحداد، مشيراً إلى أن مصر تسعى لدعم أشقائها رغم ظروفها الاقتصادية الصعبة.
وأشاد فهمي بتكليف الرئيس للقوات المسلحة بدعم الليبيين مرجعاً ذلك التكليف إلى القدرات العالية التي تتمتع بها القوات المسلحة والتي تمكنها من تقديم الدعم المطلوب للأشقاء في الرباط وطرابلس وبني غازي، مضيفاً أن قرار الرئيس بتوجيه جسر من المساعدات لكل من الدولة الليبية والمغربية ينم عن البعد العربي للدولة المصرية.
واختتم فهمي قائلاً إن الموقف المصري الذي ينم عن تقديرات سياسية فاعلة ناتجة عن الدور القيادي للدولة المصرية في المنطقة العربية.