تعمل شركات التنقيب العالمية على الوصول لاكتشافات غاز جديدة وتبذل قصارى جهدها في أعمال التنقيب والإنتاج، خاصة داخل مصر والتي تتمتع ببنية تحتية مميزة في مجالات البترول والغاز الطبيعي، حيث يعتبر هذا القطاع عنصر جذب للاستثمارات.
التوسع في قطاع البترول
وجاءت شركة إيني الإيطالية باعتبارها الرابح الأكبر، خلال المزايدات والعروض الأخيرة للبحث والاستكشاف، حيث حصلت على ثلاث مناطق كبيرة في البحر الأبيض المتوسط، وفق وكالة أنباء "مييز" المتخصصة في شئون الطاقة في الشرق الأوسط.
وأطلقت وزارة البترول بهدف جذب مزيد من الاستثمارات في قطاع البترول والغاز الطبيعي، في 25 سبتمبر الماضي، مزايدات جديدة لطرح 23 منطقة جديدة، بمساحات واسعة، من الصحراء الغربية إلى البحر الأحمر، كما منحت أربع مناطق من جولة العطاءات السابقة، التي أطلقتها شركة "إيجاس" في أواخر ديسمبر.
وكانت شركة "إيني" هي الرابح الأكبر، حيث استحوذت على ثلاث من المناطق الأربعة المطروحة في المنطقة البحرية التقليدية للبحر الأبيض المتوسط في مصر.
كما استحوذت شركة "إكسون موبيل" الأمريكية مؤخرًا على كتلتين في المياه العميقة، بينما لا تزال مواطنتها "شيفرون" تجري محادثات بشأن المساحة المجاورة، كما تم مؤخراً، منح المشغلين الرئيسيين لشركة “بي بي” البريطانية، وشركة “إيني” الإيطالية امتيازات خارج جولات العطاءات.
وعقد المهندس طارق الملا، وزير البترول والثروة المعدنية، عددا من جلسات المباحثات مع رؤساء شركات بترولية عالمية تعمل في مصر، وذلك على هامش فعاليات معرض ومؤتمر أبو ظبي الدولي للبترول "أديبك" في الإمارات.
وبحث الملا، خلال جلسة ثنائية مع كلاوديو ديسكالزي، الرئيس التنفيذي لشركة إيني الإيطالية، سبل تعزيز الشراكة الممتدة مع شركة إيني كشريك استراتيجي لمصر في صناعة الغاز والبترول، واستعراض محفظة أعمال الشركة المتنوعة في مصر وفي مقدمتها حقل غاز ظهر.
وأعرب الملا عن تطلع مصر لمواصلة التعاون المثمر مع شركة إيني الإيطالية والتوسع في مجالات البحث والاستكشاف والتنمية والإنتاج، بهدف تحقيق الاستغلال الأمثل لموارد مصر في ضوء الفرص الواعدة التي يتمتع بها قطاع الطاقة في مصر، في سبيل تعزيز النجاحات الكبيرة التي تحققت خلال السنوات الماضية.
وأكد رئيس شركة إيني الأهمية الكبيرة التي تمثلها مصر كأحد أهم الأسواق لنشاط، وعمل الشركة على مستوى العالم في ظل الفرص الكبيرة لزيادة إنتاج الغاز في مصر، وتمتع مصر ببنية تحتية مميزة في مجالات البترول والغاز.
ضخ استثمارات جديدة
كما استعرض ديسكالزي خطط الشركة في مصر مجال البحث والاستكشاف خلال الفترة المقبلة، وأنشطة وعمليات تنمية الحقول التي تسعى إيني من خلالها لتحقيق معدلات إنتاج متميزة.
وأشار إلى اعتزام إيني وشركائها ضخ استثمارات جديدة في مصر، كما تناول اللقاء التقدم الذي حققته الشركة الإيطالية في مشروعات كفاءة استخدام الطاقة والاستدامة، والتحول الطاقي.
كما عقد الملا جلسة مباحثات مع موراي أشينكلوس، الرئيس التنفيذي المؤقت لشركة بريتش بتروليوم البريطانية "بي بي"، على هامش مؤتمر أديبك.
وتناول اللقاء أهم مشروعات الشركة البريطانية في مصر، خاصة في مجال إنتاج الغاز الطبيعي، وسبل الإسراع بعمليات البحث وتنمية الحقول بمناطق الامتياز التابعة للشركة من أجل زيادة الإنتاج، وبحث فرص الاستثمار في مناطق امتياز جديدة.
وأكد الملا أهمية الدور الذي تلعبه شركة بي بي كشريك استراتيجي في كبرى المشروعات لإنتاج الغاز الطبيعي بقطاع البترول المصري، وحرصها على تطوير الشراكة واهتمامها الدائم بفرص الاستثمار مصر وفتح آفاق تعاون جديدة.
وأكد أشينكلوس أن استراتيجية شركة بي بي في مصر واستثماراتها وخططها المستقبلية للنمو قائمة ومستمرة وتهدف للتوسع في مصر، حيث تتطلع لمزيد من العمل في قطاع الغاز الطبيعي المصري الذي يزخر بفرص واعدة والبناء على ما تحقق من نجاحات طوال عقود طويلة من العمل في مصر.
وأيضا عقد الملا جلسة مباحثات مع دون سامرز الرئيس التنفيذي للعمليات بشركة فنترسال ديا الألمانية.
وخلال اللقاء، اطلع الوزير من الشركة الألمانية على موقف أعمالها في إنتاج الغاز الطبيعي، والذي تستثمر فيه الشركة الألمانية في مصر كمُشغل رئيسي في منطقتي دسوق وشرق دمنهور بالدلتا.
وشهد اللقاء استعراض خطط الشركة للإسراع بتنمية موارد الغاز الطبيعي، وزيادة إنتاجه بمناطق امتيازها، علاوة على شراكتها مع بريتش بتروليوم البريطانية في مناطق امتياز بالبحر المتوسط.
9 مليارات استثمارات
ويذكر أن وزير البترول والثروة المعدنية، أكد توافر فرص استثمارية في قطاع الطاقة المصري، وأن الخطة الاستثمارية لقطاع البترول المصري تتراوح في حدود 8.5 إلى 9 مليارات دولار في استثمارات متنوعة ما بين البحث والاستكشاف، والإنتاج، والتنمية، والتشغيل.
ويمثل قطاعا البترول والتعدين إحدى أهم ركائز الاقتصاد الأساسية، حيث شهدت مصر تحولا ملحوظا في هذين القطاعين خلال الـ 10 سنوات الماضية، وذلك بدعم ورعاية الرئيس عبد الفتاح السيسي من خلال جذب استثمارات ضخمة وتنفيذ مشاريع تنمية مبتكرة.
وقعت مصر خلال الفترة الأخيرة 120 اتفاقية بترولية جديدة بقيمة استثمارية تجاوزت 22 مليار دولار، مما أسهم بشكل كبير في تعزيز مصادر الاقتصاد المصري، وتمثل هذه الاتفاقيات الثقة التي تحظى بها مصر من قبل شركات النفط والغاز العالمية، كما تم منح توقيعات بقيمة تصل إلى 1 مليار دولار.
وتم تنفيذ 53 مشروعًا لتنمية الحقول المكتشفة باستثمارات تصل لـ 33 مليار دولار، هذه الجهود تعكس التزام مصر بزيادة إنتاجها واستغلال مواردها بكفاءة عالية، ويشمل ذلك تحديث البنية التحتية وتبني تكنولوجيا حديثة لتحسين أداء هذا القطاع الحيوي.
كما تمكنت مصر من جذب شركات دولية كبرى للاستثمار في مجال التعدين، شركات مثل "بارك" العالمية والتي تعد ثاني أكبر شركة تعدين في العالم، وشركة سنتامين العالمية التي تقوم حاليًا بضخ استثمارات ضخمة في مواقع مختلفة في مصر بخلاف منجم السكري.
إسهامات قطاع البترول
وساهمقطاع البترول والغاز بشكل كبير في الاقتصاد المصري من خلال تحوله من وضع عجزي إلى وضع فائضي للمرة الأولى، حيث تم ذلك بفضل تطبيق سياسات إصلاح الاقتصاد والاستراتيجية التي نفذتها وزارة البترول والثروة المعدنية، حيث يظهر هذا الإسهام من خلال الأرقام التالية:
- في عام 2018 /2019، عاد قطاع البترول لأول مرة منذ سنوات طويلة لتحقيق فائض في الميزان التجاري البترولي بقيمة تقدر بحوالي 631 مليون دولار.
- استمر هذا الارتفاع ليصل قيمة فائض الميزان التجاري البترولي خلال عام 2021 /2022 إلى حوالي 5 مليارات دولار.
- شهدت صادرات قطاع البترول المصري ارتفاعًا كبيرًا خلال عام 2022، حيث وصلت إلى 18 مليار دولار مقارنة بـ 13 مليار دولار في عام 2021، بزيادة نسبتها 41%.
- زادت صادرات مصر من الغاز الطبيعي والمسال بشكل كبير خلال عام 2022، حيث بلغت 9.9 مليار دولار مقارنة بـ 3.9 مليار دولار في عام 2021، بزيادة تصل إلى 154%.
- تم تحويل مبالغ مالية كبيرة من قطاع البترول للخزانة العامة للدولة خلال عام 2021 /2022 بمبلغ يصل إلى 24 مليار جنيه، على الرغم من التحديات الاقتصادية.
وقال الخبير الاقتصادي الدكتور محمد أنيس، إن الاستثمارات التي أعلنها وزير البترول، تمثل أهمية قصوى، بالنظر لكون قطاع الطاقة كان الأعلى من حيث جذب الاستثمارات الأجنبية على مدار السنوات الأخيرة، فضلا عن أن الاستثمارات فيه تهدف للتصدير.
وأضاف أن الاكتشافات السابقة حققت الاكتفاء الذاتي، فيما تصدر الاكتشافات الجديدة للخارج، وهو ما يعني تحقيق المزيد من العائدات وتوفير العملة الأجنبية.
وتابع: “فإن صادرات مصر من القطاع حققت في العام 2022، نحو 12 مليار دولار، فيما بلغت الصادرات في العام 2021 نحو 8 مليار دولار”، مشيرا إلى أن الشركات الأوروبية والأمريكية تعد في المقدمة من حيث الاستثمارات في قطاع الطاقة في مصر.
ولفت أنيس إلى أن الاكتشافات المرتقبة تتركز في غرب المتوسط، وفي البحر الأحمر، يمكن الإعلان عنها خلال عام ونصف.
وتستهدف مصر بلوغ الطاقة المتجددة 42% من مزيج الطاقة بحلول 2030، حيث جرى التعاقد مع شركات كبرى سعودية وإماراتية لإضافة أكثر من 20 غيغاواط من الرياح والطاقة الشمسية.
ووفق تصريحات وزير البترول، حفرت الشركات العالمية خلال السنوات الخمس الماضية 576 بئرا استكشافية، تحقق من خلالها 284 كشفا جديدا للبترول والغاز بواقع 217 للبترول و67 للغاز.
وأضافت الاكتشافات احتياطيات بنحو 1320 مليون برميل زيت مكافئ، بواقع 295 مليون برميل زيت خام ومتكثفات، و5750 مليار قدم مكعب غاز.
وتشكل موارد البترول والغاز الطبيعي نحو 93% من مصادر الطاقة الأولية في مصر، كما يلبي إنتاج البترول والغاز نحو 75% من الاستهلاك المحلي وتستكمل تلبية باقي الاحتياجات من خلال الاستيراد الخارجي.