شهدت أسعار البصل والطماطم، فاكهة المائدة المصرية وأهم العناصر التي تتداخل في الكثير من أطعمة المصريين تحركات كبيرة خلال الأيام القليلة الماضية، وسط حالة من التفاؤل بتراجع الأسعار مطلع أكتوبر القادم في ظل سعي الجهات الحكومية المعنية لضبط الأسواق وتوفير كميات من هذه السلع الضرورية.
الدولة وإيقاف تصدير البصل
وكان ارتفاع أسعار البصل على وجه التحديد أصبح محل حديث الناس، حيث تراوح سعر الكيلو من 25 إلى 35 جنيهاً، وارتفعت أيضا أسعار الطماطم والبطاطس والخيار والفاكهة.
وتسعى الحكومة ممثلة في وزارات الزراعة واستصلاح الأراضي والتموين والتجارة الداخلية والتجارة والصناعة لاتخاذ إجراءات عاجلة للسيطرة على الأسواق والحد من ارتفاع الأسعار بهذا الشكل غير المسبوق، أولها إعلان مجلس الوزراء عن اتخاذ قرار بوقف تصدير البصل لمدة ثلاثة أشهر تنتهي آخر العام الجاري 2023 للعمل على توافره في السوق بكثرة وبالتالي انخفاض أسعاره.
ومن جانبه أكد المستشار الإعلامي لوزارة الزراعة، أحمد إبراهيم، أن الدولة بصدد اتخاذ قرارات أخرى مماثلة من وقف تصدير السلع الأساسية خاصة في حالة وجود ممارسات احتكارية أو محاولات من بعض التجار بتخزينها والتلاعب بالأسعار.
وذكر بيان وزارة الزراعة، أن إجمالي الصادرات المصرية من المنتجات الزراعية منذ بداية يناير خلال العام الجاري حتى يوليو، شهد زيادة قدرها 717 ألفا و896 طنا عن الفترة ذاتها في السنة الماضية، التي سجلت 3 ملايين و936 ألف طن.
موعد انخفاض أسعار الطماطم
وفي هذا الصدد، قال حاتم النجيب، نائب رئيس شعبة الخضروات والفاكهة بغرفة القاهرة التجارية، إن آلية العرض والطلب تلعب دورًا حاسمًا في تحديد أسعار الخضروات والفاكهة في مصر موضحا أن التغيرات المناخية تؤثر بشكل كبير على توافر هذه المنتجات وأسعارها.
وأكد نجيب ـ في تصريحات صحفية له، أنه يُطلق على ثمار الطماطم لقب المجنونة نظرًا لتقلب أسعارها، حيث تشهد ارتفاعًا في بعض الأيام وانخفاضًا في أيام أخرى وفقًا لآليات العرض والطلب، مؤكدا أن زيادة سعر الطماطم في الفترة الحالية يعود إلى ارتفاع درجات الحرارة في الأيام القليلة الماضية، مما أدى إلى تقليل الإنتاجية وندرة المعروض في الأسواق.
كشف رئيس شعبة الخضروات والفاكهة عن توقع انتهاء أزمة ارتفاع أسعار الطماطم في مصر في شهر سبتمبر الحالي، وذلك مع بدء حصاد العروة الجديدة، كما أوضح أنه مع حلول هذا الوقت، ستنخفض أسعار الطماطم في الأسواق وستتوفر بشكل مستمر.
وأوضح أن السبب الرئيسي وراء ارتفاع أسعار الطماطم، يرجع إلى تلف كميات كبيرة من الحصول أثناء الحصاد، وذلك نتيجة للتغيرات المناخية، التي أثرت بطبيعتها على العديد من المحاصيل الزراعية من الخضروات والفاكهة.
ولفت أن التغيرات المناخية التي شهدتها محاصيل الطماطم خلال فترة الحصاد أثرت سلبًا على الإنتاجية، وذلك أدى إلى نقص المعروض من المنتج ونتيجة لذلك، استغل التجار هذه الفرصة ورفعوا الأسعار، ما أثر سلبًا على المستهلكين.
سبب ارتفاع أسعار البصل
وفي وقت لاحق، كشف الدكتور على خليل، مدير معهد بحوث المحاصيل الحقلية بوزارة الزراعة، سبب ارتفاع أسعار البصل في السوق المصري، إذ وصل سعر الكيلوجرام الواحد لنحو 35 جنيهًا.
وقال خليل ـ خلال تصريحات تليفزيونية، إن سبب ارتفاع أسعار البصل هم الوسطاء، إذ يعطشون السوق من أجل رفع السعر.
وأضاف أن مصر لديها اكتفاء ذاتي من محصول البصل، إذ تنتج أكثر من 3 ملايين طن وتستهلك أكثر من مليوني طن، ليصبح لديها فائض أكثر من مليون طن سنويًا، كما صدرت هذا العام 380 ألف طن.
ومن جانبه، قال الدكتور عبد المجيد مبروك، رئيس قسم بحوث البصل بوزارة الزراعة في حديث لبي بي سي، إن "المساحة المزروعة بالبصل في مصر للموسم 2022/2023 بلغت حوالي 219 ألف فدان، وبلغت جملة الإنتاج لهذا العام 3.3 مليون طن".
وأوضح أن مصر تحتل المركز الرابع إلى الخامس ضمن أكثر عشر دول منتجة ومصدرة للبصل "بسبب تفوق الأصناف المصرية وطبيعة مناخها"، منوها إلى أنه يتم تصدير البصل المصري إلى أكثر من 50 دولة أجنبية وعربية.
وعن سبب ارتفاع أسعار البصل، قال مبروك إن "المزارعين هذا العام خفضوا المساحة المنزرعة نتيجة تدني سعر البصل الموسم الماضي حيث وصل سعر الطن إلى 800 جنيه (أقل من 25 دولارا) وأيضا بسبب التغيرات المناخية التي تأثرت بها مصر حيث إن موجة الحر أتلفت جزءا كبيرا من المحاصيل".
وتوقع أن تؤدي الإجراءات التي اتخذتها الدولة وعلى رأسها وقف تصدير البصل " لانخفاض الأسعار، وكذلك أن تزداد المساحة المنزرعة للموسم الجديد بسبب غلاء سعر المحصول، ومن ثم تعود متوسطات الأسعار لعهدها السابق خصوصا أن مصر دولة تكتفي ذاتيا من البصل".
موعد الانخفاض في الأسعار
وفي هذا الإطار، أكد نقيب الفلاحين حسين أبو صدام في تصريحات تلفزيونية، أن الخضراوات الأساسية مثل الطماطم والبطاطس والخيار والبصل، تشهد ارتفاعًا جنونيًا بالأسعار لم تشهده البلاد من قبل، حيث أن البصل تخطى سعره ستة أضعاف عن العام الماضي.
وأرجع حسين أبو صدام، هذا الارتفاع في الأسعار وبعض السلع الأساسية الذي تجاوز الـ 50% والذي يعتبر غير مسبوق في أسعار الخضراوات إلى عدة عوامل:
- ظاهرة النينو، التي تسببت في حدوث موجة حارة شديدة في شهري يونيو ويوليو، وهو توقيت نمو بعض الخضراوات والمحاصيل مثل الطماطم والخيار، وعلى أثرها توقف نموهم وبالتالي انخفضت الإنتاجية وهو ما أثر على السوق والأسعار.
- تقليل كثير من المزارعين المساحات المزروعة، وبالتالي انخفضت الإنتاجية، بعد خسارتهم خلال الأعوام السابقة.
وعن ارتفاع أسعار البصل، بشكل غير مسبوق، أوضح حسين أبو صدام، أن هذا العام شهد تصدير كميات كبيرة منه عن أي عام مضى، وهو ما أثر على المعروض، بالإضافة إلى تعرض دول مصدرة للبصل في أوروبا إلى جفاف أفسد محصولها، واعتمدت دول عربية على الاستيراد من مصر كبديل للسوق الأوروبية في ظل انخفاض المساحة المزروعة بها وهو ما أثر بالسلب على الأسعار في الأسواق.
وتوقع أبو صدام، انخفاض سعر البصل مع بدء العروة الجديدة في ديسمبر المُقبل، متوقعًا أن يشهد سعره انخفاضًا تدريجيا بنسبة خمسة جنيهات ليس أكثر خلال الثلاثة أشهر المقبلة وذلك بسبب طرح التجار مخزونهم من البصل بالأسواق الذي كانوا يحتكرونه و يعتزمون تصديره بعد قرار وقف التصدير.
وتوقع نقيب الفلاحين، أن يتراجع سعر الطماطم أيضا مع العروة الجديدة للمحصول في نوفمبر المقبل، مشيرًا إلى أن سعرها ارتفع بسبب انخفاض المساحة المزروعة، فكان يُزرع على مدار العام مساحة 500 ألف فدان وشهدت هذا العام انخفاضًا بقيمة 50 ألف فدان.
وتوقع تراجع سعر البطاطس، أيضا في نفس الفترة بالنسبة للبصل والطماطم، موضحا أن إنتاجها تأثر فقط بارتفاع درجة الحرارة نتيجة ظاهرة النينو، لكن هناك مساحات محددة يتم زراعتها للتصدير.
مصر أكبر منتجي الطماطم
والجدير بالذكر، أن مصر من أكبر 5 دول تنتج الطماطم في العالم حيث نزرع ما يقارب نصف مليون فدان من الطماطم سنويًا في 3 عروات أساسية هي العروة الصيفية والعروة الشتوية والعروة النيلية حيث تنتج هذه العروات أكثر من 7 ملايين طن سنويا نصدر منها نحو 3% بكميات تصل إلى 140 ألف طن كل عام.
وتزرع 49% من مساحة الطماطم في العروة الصيفية والتي تزرع شتلاتها في " فبراير ومارس وابريل ومايو " وتنتج ثمارها من يونيو حتى أغسطس وتزرع 9% في العروة النيلي والتي تزرع شتلاتها في يونيو ويوليو وتنتج ثمارها في أكتوبر ونوفمبر وديسمبر.
أن الطماطم تزرع في مصر في عروات متداخلة طوال العام حيث تمثل العروة الشتوية 42% من المساحة المنزرعة من الطماطم والتي تزرع شتلاتها فى سبتمبر وأكتوبر وتنتج ثمارها في يناير وفبراير ومارس.
ويذكر أن مصر صدرت العام الماضي 280 ألف طن من البصل، فيما بلغ إجمالي ما صدرته هذا العام وحتى قرار وقف التصدير حوالي 380 ألف طن، حيث يحتل البصل المرتبة الثالثة في صادرات مصر الزراعية.