تشهد سوق السجائر، اضطرابًا مستمرًّا منذ مايو 2023، وهو ما نتج عنه شح في أغلب أنواع السجائر الشعبية والمستوردة، فضلاً عن ارتفاع الأسعار بنسب تخطت الـ 100%، من دون زيادات رسمية.
ارتفاع أسعار السجائر
ورغم إعلان الشركة الشرقية للدخان، التي تتمتع بحصة سوقية تقدر بأكثر من 70%، وتنتج وتبيع السجائر الأكثر شعبية في مصر، وهي كليوباترا بأنها ضاعفت الإنتاج 40% إلا أن الأزمة لا تزال مستمرة.
ومن جانبه، قال إبراهيم إمبابي رئيس شعبة الدخان: "تعبت ومرضت بسبب عدم التعامل الصحيح مع أزمة ارتفاع أسعار السجائر في السوق السوداء".
وأضاف خلال مداخلة تليفزيونية، قائلاً: "عرضت 3 خطوات لإنهاء أزمة السوق السوداء للسجائر خلال 48 ساعة، أولها خطة الموازنة بالبرلمان تنتهي من تشريع تعديل الضريبة على السجائر، وقلب الهرم التوزيعي بدلًا من التوزيع على التجار الكبار إلى تجار التجزئة، والخطوة الثالثة توزيع ما تم ضبطه في المخازن من سجائر والذي يتجاوز إنتاج الشرقية للدخان لمدة شهر، على محطات وقود وطنية لضبط الأسعار في السوق".
وتابع: "لو تم إنجاز تنفيذ الـ3 خطوات اللي ذكرتهم هتنتهي أزمة السوق السوداء للسجائر وينضبط السوق".
في وقت سابق، كشف منصور عبد الغني المتحدث باسم وزارة قطاع الأعمال عن استحواذ شركة إماراتية على 30% من الشركة الشرقية للدخان بقيمة 625 مليون دولار.
وأوضح خلال مداخلة هاتفية ببرنامج "على مسئوليتي" الذي يقدمه الإعلامي أحمد موسى بقناة "صدى البلد": "ما كنت تحصل عليه الدولة من ضرائب السجائر ما يقرب من 85 مليار جنيه سيظل ثابتًا ويزيد بزيادة الإنتاج، وأسعار السجائر لن تكون متروكة للشركة أو لأي شريك أجنبي".
ولفت: الفترة المقبلة سيتم ضخ 150 مليون دولار لشراء مستلزمات من التبغ لزيادة الإنتاج بما يزيد على 10 ملايين علبة سجائر يوميا لتغطية احتياجات السوق.
وأشار: الشركة الشرقية للدخان كانت بحاجة إلى 40 مليون دولار شهريًّا لتوفير المادة الخام بالتبغ من الخارج.
وأكد: أزمة السجائر ستنتهي خلال أسبوع بمجرد شراء التبغ الخام وزيادة الإنتاج، ولن يكون هناك تحرك في الأسعار بعد صفقة شركة جلوبات والشرقية للدخان.
ويوجد تباين غير مبرر خلال الـ 3 أشهر الأخيرة، وفق مركز حلول للسياسات البديلة الذي أكد أنه اتضح من ذلك أن هذه الآراء المتباينة تمثلت في الآتي من جانب الشركة الشرقية للدخان:
1- الإنتاج يتراجع وغير كافٍ في ظل نقص واردات التبغ نتيجة احتجازها في الموانئ بسبب شح العملة الصعبة، التي هبطت قيمتها في أول 5 شهور من العام الحالي بنسبة 46% عن نفس الفترة العام الماضي وتنبأت الشركة في إبريل 2023 بحدوث الأزمة، وتوقفت مؤقتًا في مايو عن إنتاج أحد أهم أصناف السجائر الشعبية، ثم عادت إلى الإنتاج بطاقة منخفضة وقدرة على توفير 75% فقط من احتياجات السوق كما أكدت مصادر أخرى أن الشركة أصبحت تورد 50% فقط من حصص كبار التجار منذ شهور، دون الإعلان رسميًّا عن ذلك.
2- الإنتاج مستمر بنفس وتيرته، وقادر على تغطية احتياجات السوق، ولم يحدث أي نقص في الكميات المنتجة.
3- التحرك لزيادة الإنتاج وزيادة المعروض في السوق: حيث قررت الشركة رفع حجم الكميات التي تضخها في السوق بنسبة 30% في أغسطس، ثم 15% إضافية في سبتمبر 2023. مع الاعتراف بأن زيادة الإنتاج لن تحل المشكلة، بل ستخلق طلبًا زائدًا من التجار (بغرض التخزين) قادرًا على امتصاص أية زيادة.
4- المخزون من المواد الخام في تناقص وتحتاج الشركة إلى غطاء دولاري كافٍ للاستمرار بنفس معدلات الإنتاج، وهو ما دفع رئيس الوزراء إلى أن يأمر بزيادة توريدات خامات التبغ، وفي نفس الصدد، ستوفر صفقة جلوبال كابيتال للشرقية للدخان 150 مليون دولار تحتاجها لشراء المواد الخام اللازمة للتصنيع.
ويشير هذا التضارب إلى وجود حالة من الضبابية الشديدة حول معدلات إنتاج وتوزيع الشرقية للدخان الحقيقية، وماهية شبكة المستفيدين والأسواق غير الرسمية التي تمتص تلك الكميات من الإنتاج المستمر أو الزائد الذي يدعيه مسؤولو الشركة وفق مركز حلول للسياسات البديلة.
وكانت الحكومة أعلنت أنها تستهدف زيادة ضريبة التبغ والسجائر وأنه سيتم إقرارها بعد عودة مجلس النواب من إجازته السنوية في أكتوبر المقبل- بقرابة 1.72 مليار جنيه (من 86.45 مليار العام المالي الماضي إلى 88.17 مليار هذا العام).
احتكار السجائر وتخزينها
وأدى هذا الإعلان المبكر دون إتمامه إلى احتكار البضاعة وتخزينها من قبل تجار الجملة ووكلاء الشركات والموزعين بهدف "تعطيش السوق" ثم طرحها بالأسعار التي يفرضونها في السوق السوداء، قبل أن يتم رفع الأسعار بشكل رسمي.
ويفرض قانون "حماية المستهلك" على التجار وضع السعر الرسمي على المنتج ومواجهة عقوبات شديدة في حال المخالفة، وبالرغم من قيام السلطات ببعض الحملات التفتيشية وضبط كميات كبيرة من سجائر السوق السوداء، فإن الدور الرقابي ما زال محدودًا ومقيدًا، وهو ما يثير تساؤلات عن أسباب تهاون الحكومة في الرقابة على حركة البيع والتوزيع، وضبط المحتكرين، وإنهاء الأزمة المتفاقمة.
وبالرغم من التحركات الرسمية لاحتواء الأزمة، فإنها ما زالت مستمرة وتحتاج السلطات إلى العمل بالتوازي على تفعيل الدور الرقابي بشكل أكثر جدية على المدى القصير لحماية المستهلك والموارد الضريبية المستهدفة، بالإضافة إلى تعديل السياسة الضريبية على التبغ لتحقيق معدلات أفضل للصحة العامة على المدى الطويل.
ومن جانبه، قال المهندس هاني أمان الرئيس التنفيذي للشركة الشرقية إيسترن كومباني، في تصريحات خاصة له، إن الشركة تحاول امتصاص زيادة التكاليف المتعلقة بالمواد الخام وأنها لن ترفع سعر السجائر حاليا، مشيرا إلى أن سعر السجائر لم يرتفع منذ شهر مارس الماضي.
وأضاف أمان، أن الشركة بدأت في زيادة الإنتاج بنسبة وصلت إلى 45% خلال الأيام الماضية، وذلك للقضاء على ارتفاع الأسعار ومواجهة جشع بعض التجار.
وأوضح أن الشركة كانت تواجه بعض المشكلات اللوجستية خلال الأيام الماضية، وبعض المسائل المتعلقة بعجز في الإمداد لكن هذه المشكلات تم حلها حاليا، وأن الشركة ستواجه جشع بعض التجار من خلال زيادة الإنتاج بالأسواق حتى لا يتم استغلال المستهلكين.
وأردف أمان: الشركة تنتظر التشريع الضريبي الخاص بضريبة السجائر، وأنه لا زيادة في السجائر قبل إقرار مشروع قانون الضريبة على السجائر، وأن الشركة لن تلجأ إلى زيادة السجائر إلا في حالة الضرورة مع محاولة امتصاص الزيادة في التكاليف، وأن الشركة خلال الفترة الماضية كانت تتعامل مع نقص المواد الخام والإمدادات بشكل محترف يساعدها على الاستدامة وعدم توقف الإنتاج.
وكان الدكتور فخري الفقي، رئيس لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب، قد أكد أن اللجنة ستبدأ مناقشة مشروع قانون بالضرائب الجديدة على السجائر مع بداية دور الانعقاد الرابع في أكتوبر المقبل.
تشمل توصيات المختصين تخصيص نسبة أكبر من ضرائب التبغ لصالح الإنفاق الصحي العام وبرامج التخفيف من حدة الفقر، ما ثبت أنه يزيد الدعم الشعبي ويؤثر في اختيارات المدخنين وغير المدخنين.
كما تضمنت التوصيات العمل على رفع التوعية بأضرار التدخين وإدمانه، وإفساح المجال لمبادرات المجتمع المدني التكافلية والتعاون في تخفيف أعباء العمل خلال فترة التعافي والإقلاع، مع تقديم الحوافز النقدية وكذلك إدماج الإقلاع عن التدخين ضمن خدمات الرعاية الصحية الأساسية المدعومة من الدولة، مع تدريب كادر طبي مناسب، وتوفير بدائل النيكوتين بأسعار منخفضة في متناول يد الجميع، وخفض تكلفة العلاج من أمراض التدخين لتحفيز الإقلاع.